إيران تلوح بتغيير عقيدتها النووية... وصنع القنبلة

بعد التصعيد مع اسرائيل في أبريل

أ ف ب
أ ف ب
نماذج من الصواريخ الإيرانية اثناء عرض في متحف مخصص للحرب العراقية الايرانية في طهران في 7 فبراير

إيران تلوح بتغيير عقيدتها النووية... وصنع القنبلة

لندن- تصريحات كمال خرازي كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي ورئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية حول إمكان تغيير طهران عقيدتها النووية إذا هددت إسرائيل وجودها، استحوذت على اهتمام وسائل الإعلام الإيرانية.

وقد أعلن خرازي في مقابلة تلفزيونية أن "طهران لم تتخذ قرارا بعد بصنع قنبلة نووية ولكن إذا أصبح وجود إيران مهددا فلن يكون هناك أي خيار سوى تغيير عقيدتها العسكرية... وإذا شن الكيان الصهيوني هجوما على منشآتنا النووية فإن ردعنا سيتغير... وإيران تمتلك القدرات الفنية لصنع الأسلحة (النووية)".

وجاءت تصريحات خرازي في الوقت الذي انتقد فيه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي خلال زيارته الأخيرة لإيران، انتقد طهران بسبب عدم تعاونها مع مفتشي الوكالة وتسوية القضايا العالقة. فیما قال أحمد حق طلب، قائد هيئة حماية المنشآت النووية، في أبريل/نيسان، إن إيران "قد تراجع سياساتها النووية في حال أرادت إسرائيل ممارسة الضغط على إيران من خلال التهديد بضرب المنشآت النووية".

أما عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان جواد كريمي قدوسي فقال "تستغرق الفترة بين صدور الإذن وإجراء أول اختبار (للأسلحة النووية) أسبوعا واحدا".

ونشرت صحيفة "جوان" مقالا بعنوان "إيران تغير عقيدتها النووية بالتزامن مع توتر أبريل" بقلم حامد خبيري، الذي قال: "لقد تغيرت أشياء كثيرة خلال التصعيد غير المسبوق بين إيران والكيان الصهيوني والذي بلغ ذروته 18 يوما منذ الغارة الإسرائيلية على قنصلية إيران في دمشق حتى عمليات الوعد الصادق (الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل) والهجوم الإسرائيلي على إيران وستكون هناك تطورات وتغييرات أكبر. إن أحد الأشياء التي يمكن أن تتحول وتتغير بعد هذه الهجمات هي اتجاهات البرنامج النووي الإيراني وهذا ما أشار إليه رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية كمال خرازي".

لقد تغيرت أشياء كثيرة خلال التصعيد غير المسبوق بين إيران والكيان الصهيوني والذي بلغ ذروته 18 يوما منذ الغارة الإسرائيلية على قنصلية إيران في دمشق

حامد خبيري

ورأى خبيري أن "سبب هذا التحول يعود بالأساس إلى فترة التصعيد غير المسبوق بين طهران وتل أبيب ويمكن تشبيه هذه الفترة من التوتر بأزمة الصواريخ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سنة 1962 إلى حد ما".
وتساءلت "جوان" عن أسباب تصريحات خرازي وهو كبير مستشاري المرشد الإيراني بالقول: "هناك تحليلات وآراء مختلفة بشأن أسباب هذه التصريحات بين من يقول إنه موقف تهديدي لدفع إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع إيران، ومن يعتقد بأنه تلويح باقتراب إيران من القنبلة النووية".
وتابعت الصحيفة: "يرى بعض الخبراء أن تصريحات مستشار المرشد الإيراني تأتي في إطار التطورات بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول حيث إن إيران وفي خضم الحرب على غزة قلصت تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما دفع مدير الوكالة رافائيل غروسي إلى الحديث عن قرب إيران من صنع قنبلة نووية". 

أ ف ب
المرشد الإيراني علي خامنئي متحدثا إلى رجال الدين الإيرانيين اثناء اجتماع في طهران في 16 يناير

وأعرب مدير مشروع إيران في "مجموعة الأزمات الدولية" علي واعظ عن اعتقاده أن ظروف الحرب في غزة تدفع إيران باتجاه أن تصبح قوة نووية وأن طهران أصحبت أكثر قوة بعد حرب غزة ولكنها تشعر بأنها أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى".

وأضاف واعظ: "إن الظروف الراهنة تدفع صوب تدهور الأوضاع أكثر من التصعيد بين طهران وتل أبيب في شهر أبريل حيث تشعر طهران بأنها قد تتعرض لتهديد نووي من قبل إسرائيل... إن القيادات العسكرية تتوقع الأسوأ في أوقات الأزمات لذا فليس مستبعدا أن التوتر بين طهران والكيان الصهيوني في شهر أبريل قد دفع كبار المسؤولين في النظام الإيراني إلى التفكير في أنه في حال تصعيد الوضع كيف يمكنهم مواجهة دولة نووية"؟
وقال الخبير في الشؤون الدولية سينا عضدي في حوار مع "بي بي سي الفارسية" حول تصريحات خرازي: "يجب أن نأخذ تهديد خرازي بعين الاعتبار لأن إيران تملك القدرة والتكنولوجيا والعلم والمعرفة الواسعة لصنع أسلحة نووية وأن إيران في منعطف تاريخي قد تعيد النظر في عقيدتها النووية. تحمل تصريحات (خرازي) تهديدا وتحذيرا مباشرا للولايات المتحدة وإسرائيل". 
هذا ونقلت صحيفة "هم ميهن" التصريحات التي أدلى بها العضو السابق في لجنة الأمن القومي البرلمانية أحمد بخشايش أردستاني قوله: "أشعر بأن إيران قد حصلت بالفعل على القنبلة النووية وأن تصريحات خرازي هي مقدمة للإعلان عن حصول طهران على الأسلحة النووية". وخلصت "هم ميهن" إلى أن "تصريحات أردستاني قد لا تكون ذات مصداقية عالية غير أن الحقيقة هي أن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل في أبريل قد أدى إلى تحول جذري في موقف إيران من برنامجها النووي".

طهران أصحبت أكثر قوة بعد حرب غزة ولكنها تشعر بأنها أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى

واعتبر رسول سليمي في مقال بعنوان "تغيير النهج النووي الإيراني.. ما هي الرسالة المهمة التي أرسلتها طهران"؟ في موقع "خبر أونلاين": "لقد تطرق رئيس المجلس الاستراتيجي للسياسات الخارجية كمال خرازي إلى الطابع العسكري للبرنامج النووي الإيراني. وقال وزير الخارجية السابق والرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية الإيراني علي أكبر صالحي في فبراير/شباط الماضي إن "القنبلة الذرية كالسيارة، حيث إن إيران تملك كل أجزاء هذه السيارة ولكنها تستخدمها لأغراض أخرى".

 أ ف ب
جنديان إسرائيليان يتفحصان أجزاء من صاروخ إيراني عثر عليه في منطقة آراد في 24 أبريل

أضاف التقرير: "لقد كرر المسؤولون دوما أن الأسلحة النووية تحرمها الشريعة الإسلامية، ومنها الفتوى التي أصدرها (خامنئي) حول أن صنع القنابل النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل حرام... لكن العقيدة النووية الإيرانية تعرضت لتغيير تكتيكي بعد الحرب في غزة وزيادة التهديدات الإسرائيلية". 
وتابع: "إن تصريحات كمال خرازي تشير إلى أن إعادة النظر في العقيدة النووية الإيرانية مرهونة بتعرض إيران لتهديد وجودي وأن المسؤولين السياسيين والعسكريين في البلاد يتفقون على أن إيران ستعيد تعريف استخدام أسلحتها التقليدية. وبالتالي يرى خبراء في الشؤون السياسية أن استهداف المنشآت النووية الإيرانية سيكون بداية لاتخاذ خطوات تنفيذية أولية لصنع الأسلحة النووية بهدف زيادة قدرة الردع أمام الدول التي تمثل خطرا وجوديا لإيران".

وتابع التقرير: "تدل تصريحات كمال خرازي والتحذيرات الصادرة من مسؤولين إيرانيين إلى الدول التي تحارب إيران بشكل غير رسمي على أن الساسة في إيران يحاولون أن يجعلوا قراراتهم قابلة للتوقع لأن الابتعاد عن التصرفات غير المتوقعة من قبل إيران مؤشر هام على أن إيران دولة فاعلة بتصرفات مدروسة على الصعيد الدولي... يجب أن ننتظر ردة فعل الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن العوامل التي تؤدي إلى إعادة نظر إيران في عقيدتها النووية وهل يتجه الغرب نحو الدبلوماسية بدلا من الميدان؟".

وأشارت وكالة "إيسنا" للأنباء في تقرير بعنوان "هل تعيد إيران النظر في عقيدتها العسكرية"؟ إلى أن "تغيير العقيدة النووية يعني تنفيذ برامج ومشاريع متنوعة ولا يعني ذلك بالضرورة صنع القنبلة النووية التي يحرمها مرشد الثورة ولا تقبلها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن إيران ستضع خيارات عدة على الطاولة قد لا يحبذها الطرف الآخر ولكن هذه الخيارات تلبي مطالب إيران".

يرى خبراء في الشؤون السياسية أن استهداف المنشآت النووية الإيرانية سيكون بداية لاتخاذ خطوات تنفيذية أولية لصنع الأسلحة النووية بهدف زيادة قدرة الردع أمام الدول التي تمثل خطرا وجوديا لإيران

واعتبر عارف دهقان دار في مقال بعنوان "إيران واستراتيجية الردع المتخفية" في صحيفة "اعتماد" أن الهدف من تصريحات كمال خرازي هو استخدامها كأداة ضغط على إسرائيل بهدف احتواء تصرفاتها. لقد كان قائد هيئة أمن المنشآت النووية حق طلب، أعلن أن أي استهداف للمنشآت النووية الإيرانية قد يؤدي إلى تغيير العقيدة النووية والدفاعية الإيرانية. ورأينا بعد هذه التصريحات أن مستوى التوتر بين إيران وإسرائيل انخفض إلى حد كبير ولم يتم استهداف المنشآت ومواقع تخصيب اليورانيوم".

وأضاف: "لكن كل شيء مرهون بالتطورات في المنطقة واستمرار الحرب في غزة وبدء جولة جديدة من المفاوضات بين إيران وأميركا حيث يجب على حكام إيران أن يطالبوا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة وأن يرهنوا المفاوضات مع الأميركيين بإيقاف الحرب في غزة وقبول وقف إطلاق النار من قبل إسرائيل...".

font change

مقالات ذات صلة