هل يخطر في بال أحد أن تكون رواية فيودور دوستويفسكي، "الجريمة والعقاب"، مصدر ملل للقارئ إلى درجة أن يرمي بالكتاب بعيدا؟ نعم، هذا الشخص هو أنا، وهذا ما حدث معي خلال قراءتي إحدى الترجمات الرديئة للرواية، مثلما هي حالة غيري مع كتب أخرى رديئة الترجمة. فهناك ترجمات تدخلك بسهولة في عالمها حتى تشعر أنك تقرأها بلغتها الأم، وهناك ترجمات أخرى تجبرك على التوقف عن القراءة عند الصفحة الأولى بسبب ركاكتها.
لكن إلى أي درجة يكون الوفاء للنص الأصلي إشكالية تواجه المترجم؟ ما تصورات المترجمين اليوم لمفهوم "الخيانة" الشهير؟ ما وضع الترجمة إلى لغة الضاد اليوم، وما دور المترجمين؟هذه التساؤلات وغيرها طرحتها "المجلة" على مجموعة مترجمين عرب.
ضدّ الإعجام
هل على المترجم أن يكون آلة تستبدل كلمة بكلمة، أم أن عليه التدخل لمراعاة مقتضيات اللغة والثقافة اللتين ينقل إليهما؟ يجيب المترجم المصري عن اللغة الألمانية سمير جريس أن "هذا التدخل أُطلق عليه خطأ وصف "الخيانة"، وهو تشبيه بات مستهلكا، خاصة عندما يحتوي النص الأصلي على تلاعب لفظي مثلا، فلا يمكن ترجمة التلاعب اللفظي كما هو، لأنه في اللغة العربية لن يكون تلاعبا لفظيا، بل يجب هنا إيجاد تلاعب لفظي مقابل في اللغة العربية. فإذا كان المقصود بالخيانة الابتعاد عن المعنى، فهذه خيانة، أما إذا كان الهدف فهم جوهر النص، فإنه تصرف محمود من المترجم".