في مثل هذه الأيام سنة 2011 قُتل زعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن في باكستان، وخلفه فورا الطبيب المصري أيمن الظواهري، الذي قُتل في أفغانستان شهر يوليو/تموز عام 2002، ليحل مكانه الزعيم الحالي للتنظيم محمد صلاح زيدان، المعروف باسمه الحركي سيف العدل. بقي اسمه مغمورا حتى اليوم، ولم يكن له بالأساس أية سيرة مهمة، فهو مصري الجنسية، درس التجارة في جامعة القاهرة، وغادرها للالتحاق بتنظيم "القاعدة" سنة 1989.
تعرف زيدان إلى بن لادن باكرا، وكان مرافقا له في السودان والصومال وأفغانستان، وقد نصب نفسه زعيما منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. اسمه معروف جيدا بالنسبة للمحللين وخبراء الإرهاب الدولي، ولكن الرجل أضعف بكثير مما يتخيله بعضهم، وقد وصف بالمتردد، عديم الثقافة والفاقد لأي كاريزما. عمره اليوم 63 سنة، أي إن الجيل الجديد من الإرهابيين لا يعرفه، وهنا تجب الإشارة إلى أن "القاعدة" كانت قد فقدت منذ سنة 2001 قدرتها على تجنيد الشباب، وتنفيذ عمليات معقدة كما كانت عليه في الماضي، ناهيك عن تراجع نفوذها في المجتمع الإرهابي الدولي بسبب ظهور منافسين لها مثل "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام)، وتنظيم "داعش"، وغيرهما.
المقارنة بتنظيم "داعش"
نظريا، فإن التشابه بين "القاعدة" و"داعش" كبير جدا، فقد ولدت الثانية من رحم الأولى قبل أن يقع الانشقاق الكبير بينهما، رغم التطابق في برنامجهما الإرهابي. كلا التنظيمين يعاني اليوم من حالة كبيرة من التراجع- قد تصل إلى موت سريري في حالة "القاعدة"- وكلاهما أخفق في إيجاد زعامة تجمعه كزعامة بن لادن وأبو بكر البغدادي الذي قتل سنة 2019.
تعد "القاعدة" التنظيم الأم لكل الجماعات الإرهابية، وتعد "داعش" فرعا ضالا من العائلة الجهادية، ما كان له أن يقوم أصلا لولا الدعم المالي واللوجستي الذي كان يتلقاه من زعيمها في العراق أبو مصعب الزرقاوي بعد الغزو الأميركي للعراق سنة 2003. وفي حين أن "القاعدة" تتوقع من الحلفاء والأنصار تزويدها بالمال بعد أن فقدت اليوم ثقلها المالي منذ مقتل بن لادن، فإن "داعش" لها طرق خاصة في جمع المال، وليست بحاجة لأحد، كالخطف والمتاجرة بالسلاح والبشر والنفط.