لم يكن العالم دائما ساحة للمعجبين بكلود مونيه. فعندما وصف الناقد الفني لويس لوروا لوحة مونيه "انطباع، شروق الشمس"، قال بازدراء: "ورق الحائط في حالته الجنينية مكتمل أكثر من ذلك المشهد البحري". علقت لوحة ميناء ضبابي في نورماندي في معرض أقامته الجمعية المستقلة للرسامين والنحاتين والنقاشين، الذي افتتح في 15أبريل/ نيسان 1874. كانت بعض التعليقات على الأسلوب التخطيطي الذي اعتمده مونيه وبعض زملائه "المتمردين" لاذعة للغاية حتى لتبدو أشبه بإهانات متصيدي وسائل التواصل الاجتماعي في هذه الأيام، أكثر منها تعليقات فنية احترافية. فهذا ناقد آخر في سبعينات القرن التاسع عشر يصف الأسلوب الجديد، قائلا: "هذا هو المشهد المروع للتفاهة البشرية وقد ضلت طريقها إلى حد الخرف".
ونحن نتذكر اليوم معرض "جمعية المجهولين" هذا الذي أقيم قبل 150عاما، بوصفه لحظة ولادة الحركة الانطباعية. فقد أطلق ليروي آنذاك على الرسامين لقب "الانطباعيين"، على الرغم من أن الفنانين أنفسهم لم يتبنوا اللقب إلا بعد مضي عامين آخرين (كان الانطباع هو الرسم التخطيطي في لغة رسامي عام 1874). وأصبح هذا المعرض الآن موضوعا لمعرض آخر بعنوان "باريس 1874: اختراع الانطباعية"، والذي افتتح أخيرا في "متحف أورساي". وسينتقل هذا المعرض في سبتمبر/أيلول، من باريس إلى المعرض الوطني في واشنطن العاصمة.
تعد اللوحات الانطباعية اليوم من بين أكثر اللوحات المشهورة والمحبوبة والقيّمة، لذا من السهل علينا أن ننسى الصدمة التي شعر بها كثير من الناس عندما شاهدوها للمرة الأولى. وقد جفل الناس منها لموضوعها بقدر ضربات الفرشاة الخشنة وهي تصور تسرب الضوء الطبيعي. رفض فنانوها التركيز على موضوعات الرسم التقليدي – الأساطير الكلاسيكية والتاريخ والصور ذات الطابع المثالي – لصالح مشاهد الحياة المعاصرة، بما فيها المسرح وشوارع باريس.