هل كان ريتشارد جاد، مؤلف عرض "غزالي المدلل" Baby Reindeer، يعلم أن عمله، أو بالأحرى معاناته، ستحقق كل هذين النجاح والتأثير، حول العالم، في غضون زمن قصير؟
حسب إحصاءات منصة "نتفليكس" العالمية، احتل "غزالي المدلل" قائمة الأعلى مشاهدة حول العالم، محققا نحو 10 مليون ساعة مشاهدة، خلال الأسبوع الأول فقط من إطلاقه. كما تفاعل رواد وسائل التواصل الاجتماعي مع شخصيات العمل، معبّرين عن تعاطفهم مع حالة دوني دان (ريتشارد جاد)، وأحيانا حتى مع متعقبته المختلة، مارثا سكوت (جيسيكا جاننيغ)، وعن الغضب والاستياء من داريان (توم جودمان-هيل) الذي اعتدى على البطل، في حلقة طويلة ومفصلة، استبقها تحذير من احتمال صدمة لضحايا الاعتداءات الجنسية السابقين.
كابوس النجاح
يبدو "غزالي المدلل" أقرب الى واقعنا المعيش منه إلى شكل الأعمال الفنية المضبوطة والمعتنى بها كثيرا، وهو يثبت أكثر من أي تنظير سياسي، كم صار العالم قرية صغيرة. صحيح أن العبارة التي تسبق الحلقات: "هذه قصة حقيقية"، كانت تفسّر إلى حد ما، طبيعة الكابوس المألوف لقصة ذلك الاسكتلندي المهاجر إلى لندن، الساعي إلى الشهرة والمتعطش إلى النجاح، وإذا به ينتهي نادلا في بار، في قلب العاصمة البارد واللامبالي بأحلام المهاجرين. ويتعرض إلى سلسلة من الانتهاكات، النفسية والجسدية، على يد المطارِدة المخضرمة مارثا سكوت، ابنة البلد، التي لا تعمل، وتستفيد ماديا من الغطاء الاجتماعي الإنكليزي، كي تتفرغ لمتابعة طرائدها. ومن قبل مارثا، للانتهاك الجنسي والفكري والروحي إن جاز التعبير، على يد ذلك السيناريست السادي الغريب الأطوار داريان، الذي سيصيد دوني دان، مستفيدا من حاجته إلى التحقق، في إحدى جولاته الكوميدية العديمة الروح، والتي تحمل مع ذلك الروح الوحيدة في حياته البائسة كمهاجر.