عبير محمد: شخصيتي في "المرهقون" تشبه الكثير من النساء اليمنيات

حازت جائزة خاصة في مهرجان أفلام السعودية

الفنانة عبير محمد في أحد أدوارها.

عبير محمد: شخصيتي في "المرهقون" تشبه الكثير من النساء اليمنيات

حازت الفنّانة اليمنية عبير محمد جائزة خاصة في مهرجان أفلام السعودية الذي اختتم أخيرا، عن بطولتها في فيلم "المرهقون" للمخرج اليمني عمرو جمال. كما حاز الفيلم نفسه جائزة النخلة الذهبية للفيلم الخليجي الطويل.

في ما يلي حوار مع النجمة اليمنية الصاعدة حول دورها في الفيلم ونشأتها في مدينة عدن وواقع السينما في اليمن وأسباب اختفاء الفنانات بعد زواجهن في بلد أغلق فيه الكثير من دور العرض السينمائية.

الفوز يعني لي الكثير خاصة أن الجائزة جاءت بعد ترشيحات عدة وإشادة كبيرة من لجان التحكيم والجماهير التي شاهدت الفيلم في أكثر من دولة عربية وأوروبية. كانت الآراء دائما إيجابية حول أدائي للشخصية بسهولة وطبيعية دون أي تكلف. شعور جميل انتابني وأنا أسمع اسمي لحظة إعلان منحي الجائزة بعد ما وصفت بصاحبة الموهبة المتميزة والأداء الحقيقي في تقديم شخصية إسراء، مما أعتبره مكافأة ثمينة بعد كل الجهد الذي بذلته في تقديم الشخصية التي أرهقتني تفاصيلها جدا.

شعور جميل انتابني وأنا أسمع اسمي لحظة إعلان منحي الجائزة بعد ما وصفت بصاحبة الموهبة المتميزة والأداء الحقيقي

  • حاز الفيلم أيضا جائزة النخلة الذهبية للفيلم الخليجي الطويل. ماذا عن هذه التجربة؟

"المرهقون" يعتبر ولادة جديدة لي إنسانيا ومهنيا. شخصيتي فيه مركبة، تفاصيلها حرجة وتكشف طبقات عدة في العلاقات والتعامل الإنساني، حبكة النص استفزت حواسي كممثلة ولمستني لأجسد شخصية إسراء بمنتهى الصدق، وهذا ما جعلني أول ممثلة يمنية تحوز جائزة سينمائية.

مشهد من فيلم "المرهقون".

  • بدت شخصية إسراء التي تؤدينها هادئة في الأداء كأنها ترسم خطوط حياتها ببطء؟

شخصية إسراء استفزتني لأنها قليلة الكلام، لا تكاد تعبر عن أي رد فعل، تشبه كثيرا من النساء اللواتي يفكرن فقط كيف سيمر يومهن دون نزاع. وهي تتحمل أكثر من استطاعتها في محاولة منها للتخفيف عن زوجها أحمد الذي أرهقته الظروف الصعبة. بالإضافة إلى أنها أم محبّة، هي زوجة تشبه الكثير من النساء اليمنيات الصابرات والمتحملات ظروف الحياة القاهرة. تعاطفت مع الشخصية كثيرا. فهي لا تملك رفاهية الاختيار في أن تحتفظ بجنينها بسبب الظروف المحيطة بها. كلّ امرأة تمر بوضع إسراء، هي امرأة مطحونة داخليا تعيش صراعا عنيفا بين ما تحب وما يجب عليها فعله، وهذا الأمر جعل الشخصية مرهقة بالنسبة لي، إسراء لا تنتفض أبدا، لا ترفض، لا تصرخ، لا تتأفف، تبتلع كل ما يؤلمها وتكمل في صمت. دوري عزاء لكل النساء اللاتي مررن بوضع مشابه لإسراء وأتمنى لهن التعافي من هذه التجربة المريرة.

  • يلاحظ أنك بقيت ترتدين الحجاب حتى في غرفة النوم مع الزوج أحمد الذي قام بدوره الفنان خالد حمدان. هل هناك قيود ما ألزمتك الظهور بهذه الهيئة؟

طبيعة المجتمع المحافظ تحتم علينا أن نحترم المعايير، فلا مشكلة في أن تقدم الممثلة دورها وهي تلبس الحجاب طالما ذلك لا يتعارض مع أدائها لتفاصيل الشخصية، فكلّ ممثلة لها أدوات تمتلكها لتقديم الشخصية. المعيار الحقيقي ليس اللبس أو المظهر وإنما الموهبة الحقيقية.

 عدن و"غربة البن"

  •  هل يمكن أن نتعرف الى طفولتك ونشأتك وبداية ميولك الفنية؟

طفولتي كانت جميلة. نشأت في مدينة عدن الحاضنة للفنون وفي منزل فيه الكثير من الحب والفن. كانت والدتي مهتمة بالفن والثقافة وقراءة الكتب والروايات وأنشأتنا على حب هذه الأشياء، بالإضافة الى المكتبة الموسيقية التي توجد في منزلنا. تربيت على أصوات الفنانين الحقيقيين من عدن وخارجها وعلى الأفلام والكتب. هذه الثقافة شكّلت شخصيتي وجعلتني ملمّة بالفن على الرغم من أنّ تخصصي الجامعي لا علاقة له بالفن، وهو اللغة الفرنسية. لم يكن لي أي توجّه فني في البداية، الى أن عرضت عليّ في عام 2019 فرصة المشاركة في مسلسل "غربة البن"، فقرّرت خوض التجربة، وبعدها توالت الأعمال الدرامية، تم أتت فرصة بطولة فيلم "المرهقون" مع المخرج المعلّم عمرو جمال، واليوم نحصد ثمار عملنا الجاد فيه.

 التغييرات السياسية والاقتصادية للبلد أثرت سلبا على الفن مما أدى إلى إقفال غالبية دور السينما في عدن

  • ماذا عن أعمالك الأخرى في التلفزيون، حيث عرفك المشاهد في مسلسلات عدة؟

أعمالي كما ذكرت بدأت بمسلسل "غربة البن"، الجزء الأول، ثم مسلسل "ون واي" ثم "العالية" وأخيرا "قرية الوعل"، وكان لي الكثير من المشاركات في إعلانات توعوية خاصه باليونيسف عن الصحة الإنجابية وأفلام قصيرة عن زواج الصغيرات وأهمية الفحص المبكر قبل الزواج ومشاكل النزوح.

مشهد من فيلم "المرهقون".

  • هناك تراجع في الحياة السينمائية في اليمن وخاصة في مدينة عدن التي امتلأت بدور السينما سابقا. كيف تنظرين إلى هذه المشكلة؟

التغييرات السياسية والاقتصادية للبلد أثرت سلبا على الفن مما أدى إلى إقفال غالبية دور السينما في عدن. بالطبع لم احضر حينذاك بسبب صغر سني لكني استمعت الى الكثير من الحكايات من والدتي ومحيطي عن الذهاب الى السينما بشكل أسبوعي وحضور الأفلام العالمية والهندية. كانت السينما حاضرة في جميع ذكريات جيل آبائنا وأمهاتنا في عدن، فكانت دور السينما بمثابة متنفس للعائلة والأصدقاء، وعدن تحديدا كان فيها الكثير من دور السينما كسينما "بلقيس" وسينما "أروى" وسينما "هريكن"، ولا تزال دور السينما مغلقة إلى اليوم فلم تفتح إلا دار سينما واحدة فقط وهي سينما "هريكن" بعد جهود حثيثة من المخرج عمرو جمال وفريقه ليعرض فيها مسرحياته لأن المدينة لم يعد فيها أي مسرح مؤهل للعرض للأسف.

 الزواج والتمثيل

  • هل هناك من أفق أو محاولات لتجاوز هذه الإشكاليات؟

هناك محاولات للنهوض بالسينما، وهذا تطوّر جيد ولدينا شباب شغوفون يسعون بكل الإمكانات لتقديم صورة حسنة عن الفن والسينما، تحديدا أمثال عمرو جمال. أتمنى التوفيق لكل المشتغلين في القطاع الفني والسينمائي تحديدا، وأتمنى أن أرى قريبا أفلاما تنافس عالميا مثلما نافس فيلمنا "المرهقون" ووصل الى الترشيح للأوسكار والى الكثير من الجوائز.

font change

مقالات ذات صلة