في "كان 77"... عودة المخضرمين وألق الصاعدين وحضور سعودي مميز

سعي المملكة لأن تصبح وجهة سينمائية عالمية

AP
AP
قصر المهرجانات أثناء الاستعدادات الأخيرة عشية انطلاق مهرجان كان السينمائي الدولي 77، جنوب فرنسا، الاثنين 13 مايو 2024.

في "كان 77"... عودة المخضرمين وألق الصاعدين وحضور سعودي مميز

كان – فرنسا: عندما نتحدث عن "مهرجان كان السينمائي" وجادة "الكروازيت" في شهر مايو/ أيار، فإننا نتحدث عن العرس السينمائي السنوي الأهم، الكرنفال الذي يدشن السينمائيون فيه أمجادهم، والذي انطلقت دورته السابعة والسبعون هذا العام يوم الإثنين 14 مايو، وتستمر حتى 25 من الشهر نفسه.

كعادته، يجمع المهرجان هذا العام نخبة مختارة من الأفلام، تتوزع على أقسامه المختلفة، ومن المتوقع أن تكون حديث السينمائيين في ما بقي من شهور العام، تُضاف إلى ذلك مشاركة عربية بارزة بقائمة أفلام وصلت إلى 9 أفلام، وعودة لافتة للعديد من المخرجين المخضرمين الذين تعطي عودتهم إلى "كان" هذه الدورة طابعا خاصا، مثل فرنسيس فورد كوبولا في فيلمه المرتقب، "ميغالوبوليس"، وبول شرادر في "أوه كندا"، في حين يجدد يورغوس لانثيموس مشاركته بفيلمه، "نوع من الطيبة"، بعد انقطاع عن المهرجان منذ فيلمه "أن تقتل غزالا مقدسا" في 2017.

الفصل الثاني

للافتتاح، اختار المهرجان فيلم "الفصل الثاني" Second Act للفرنسي كوينتِن دوبيو، الذي تؤدي الأدوار فيه مجموعة كبيرة من النجوم الفرنسيين، من ضمنهم فنسان ليندون وليا سيدو ولوي غريل.

يأتي الحضور السعودي متمثلا في هيئة الأفلام، بالشراكة مع مجموعة من صناديق الدعم والمؤسسات، في إطار سعي المملكة لأن تصبح وجهة عالمية لصناعة الأفلام

هذا الفيلم الذي صوره دوبيو خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين، هو أيضا فيلم عالق باسمه "الفصل الثاني"، أي الحدث الصاعد في السيناريو طوال مدة الفيلم، وعبر سينما تعي ذاتها وتنطلق لتقدم لنا فيلما يجسد الممثلون فيه أنفسهم بإيماءاتهم وتاريخهم ووجودهم الحقيقي في كوميديا لطيفة، من دون التخلِّي عن العمق الذي يتجسّد في تساؤلات مستقبل السينما بين اليوم - في موجة التصحيح السياسي- والغد، في الدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في مسيرة ذلك الفن، مما يجعل الفيلم وجبة خفيفة لا تخلو من العمق والقيمة، بشكل أتاح له أن يكون الفيلم الأنسب لافتتاح مهرجان كهذا. 

أما عن المنافسة الرئيسة على السعفة الذهبية، فقد افتتحها فيلم المخرجة الفرنسية أغاثا ريدنغرن، "ألماسة بريَّة"، وهو الفيلم الوحيد في المنافسة الرئيسة لمخرجة أو مخرج يقدم عمله الأول، مما يثير لدى كل قاصد للمهرجان فضولا عن أسباب اختيار تييري فريمو، المدير الفني للمهرجان، لهذا الفيلم بالذات.

يمكننا أن نعتبر هذا الفيلم "داردينيا" بامتياز - قياسا بسينما الأخوين داردين- يظهر ذلك في أسلوبه البصري وكاميراه المحمولة وشخصياته المتحركة. تدور أحداث الفيلم حول ليان، الفتاة ذات الـ19 ربيعا، الجريئة والغاضبة والمهووسة بالجمال، التي تسعى بإصرار إلى تحقيق ذاتها التي تتخيلها، ولا تتردد في اقتناص الفرص التي يمكن أن توصلها الى تحقيق ذلك الخيال، فتنضم إلى برنامج من برامج الواقع.

يجمع الفيلم العديد من الأساليب التي يمكن أن تستدعي إلى الأذهان روح سينما أندريا أرنولد وشون بيكر (وكلاهما يشارك في المنافسة هذا العام)، إلا أن الفيلم، وفي الوقت ذاته، باعتباره عملا نفسيا، يفتقر إلى أصالة أكبر، ولا يكفي غطاء "الواقعية الجديدة" الذي بات متكررا ليضفي عليه تلك الأصالة المفقودة، ولا تزال مخرجته بحاجة إلى طرق أكثر عمقا وأقل اعتمادا على الأساليب السهلة في الوصول إلى المستوى النفسي الذي سعت إليه في فيلمها للتعبير عن حالة الاحتراق المتصاعد في عوالم المؤثرين. 

حضور سعودي

أما بالنسبة إلى الحضور السعودي في هذه الدورة، فإنه ليس كأي عام سابق، حيث تمكن الفيلم السعودي "نوره" للمخرج توفيق الزايدي من المشاركة في قسم "نظرة ما"، ليصبح بذلك أول فيلم سعودي يشارك رسميا في هذا المحفل العريق.

بهذا الفيلم، أصبحت المشاركة السعودية – وهي الخامسة- أنضج وأعمق، مما يعزز مكانتها ودورها الفاعل في هذا القطاع. يتجلى هذا من خلال حضور العديد من السينمائيين السعوديين في هذا المحفل، مسلطين الضوء على الثراء الثقافي والسينمائي في هذا المهرجان الذي يعتبر محطة سنوية رئيسة لتعزيز التواصل والتعاون بين صناع السينما من مختلف أنحاء العالم. 

يأتي الحضور السعودي متمثلا في هيئة الأفلام، بالشراكة مع مجموعة من صناديق الدعم والمؤسسات الداعمة لصناعة السينما في المملكة والعالم العربي والعالم ككل، في إطار سعي المملكة لأن تصبح وجهة عالمية لصناعة الأفلام، مثل نيوم وفيلم العلا ومهرجان البحر الأحمر وصندوق التنمية الثقافي. تتضمن هذه الشراكة العديد من المحفزات، أبرزها استعادة نقدية تصل إلى 40% واستديوهات مجهزة، ودعم لوجستي يؤكد بنية تحتية سينمائية حقيقية تنطلق منها هذه الأعمال.

وأخيرا، تنظم المملكة ممثلة بهيئة الأفلام، عددا من الندوات الحوارية على هامش المهرجان، تتناول فيها أحدث تطورات القطاع، وسيتم من خلالها تناول عدد من المواضيع، أبرزها: "تجربة صناعة الأفلام في الأسواق الناشئة" التي يشارك فيها كل من المخرج الصومالي مو هراوي، الذي يحضر بفيلمه "القرية بجانب الجنة" في قسم "نظرة ما" هذا العام، والمخرجة الزامبية رونغانو نيوني وهي الأخرى يشارك فيلمها "على أن تصبح أوزية من غينيا" في القسم نفسه، والمنتجة الفيليبينية بيانكا بالبوينا التي يشارك فيلمها "مصنع فلبين" في الفئة الموازية "أسبوعا المخرجين"، والمخرج السعودي حمزة جمجوم ويحاورهم المنتج السعودي أيمن خوجة. 

font change

مقالات ذات صلة