بوتين يلتقي "أخاه الأكبر" في بكين

الرئيس الروسي يلتقي نظيره الصيني لتعزيز الشراكة

أ ف ب
أ ف ب
الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتيين اثناء قمتهما في مدينة شنغهاي الصينية في 21 مايو 2014

بوتين يلتقي "أخاه الأكبر" في بكين

في مارس/آذار من العام الماضي، وقف الزعيم الصيني شي جين بينغ عند بوابة الكرملين، وقبل أن يودع فلاديمير بوتين، عرض عليه فكرة أخيرة. واستخدم شي عبارة "باينيان بيانجو" (التغييرات في قرن)، في إشارة لما تعتبره الصين تغييرا تاريخيا في النظام العالمي، وقال: "لنعمل على تعزيزه معا". والآن، يجتمع الزعيمان للمرة الثالثة والأربعين، حيث يصل بوتين إلى بكين في السادس عشر من مايو/أيار مع احتدام الحرب في أوكرانيا. أصبحت روسيا شريكا أكثر أهمية في حملة الصين ضد القوة الأميركية، وأخذت علاقاتهما الاقتصادية تزداد قوة، وهناك دلائل على تعميق الروابط العسكرية بينهما. وحتى الآن، وخلال هذا الشهر فقط، قامت الولايات المتحدة بتشديد العقوبات على التجارة الصينية الروسية مرتين، مما أثار ردودا غاضبة من حكومة شي جين بينغ، التي حثت الغرب على "التوقف عن تشويه صورة الصين ومحاصرتها".

وستكون الصين الوجهة الأولى لبوتين في الخارج بعد الانتخابات الصورية التي جرت في مارس الماضي والتي منحته فترة ولاية رئاسية خامسة. وسيحمل هذا الاجتماع نوعا من التماثل مع الاجتماع الذي جرى عام 2023. وذلك بعد أن أعطى البرلمان الصيني موافقته المبدئية على أن يخرق السيد شي القواعد ويخدم لولاية رئاسية ثالثة، وبعد أيام من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. بالنسبة لكلا الرجلين، فإن لقاءاتهما هي استعراض لازدرائهما لجهود الغرب لعرقلة الحكام المستبدين.

بوتين زائر دائم للصين. وستكون هذه زيارته التاسعة عشرة منذ أن أصبح رئيسا عام 2000. وكانت رحلته إلى بكين في فبراير/شباط 2022، قبل أيام قليلة من شن حربه الشاملة ضد أوكرانيا، خطوة مهمة للغاية. إذ أصدر الزعيمان بيانا مشتركا حاولا فيه إعادة تعريف الدكتاتورية، متباهين "بتقاليد الديمقراطية القديمة" في بلديهما. ودعم بعضهما البعض في كفاحهما ضد "محاولات القوى الخارجية" والتي قصدا أميركا بها، "لتقويض الأمن والاستقرار في المناطق المجاورة المشتركة". وأكثر ما لفت الانتباه أنهما عندما وصفا العلاقة بين روسيا والصين، قالا إنها "ليس لها حدود، ولا توجد مجالات ممنوعة للتعاون".

وبات وجود حدود لدعم الصين لروسيا موضع تدقيق مكثف من قبل الغرب. وفي كثير من المجالات، كانت الصداقة بين البلدين ترتقي إلى آفاق جديدة. حيث تقول أميركا وحلفاؤها إن الشركات الصينية تقدم دعما حيويا لصناعة الدفاع الروسية. وكانت التجارة المزدهرة بين روسيا والصين، إضافة لتجارة روسيا مع الهند، بمثابة شريان حياة بالنسبة لبوتين. كما أصبحت القوات المسلحة الروسية والصينية تقوم بتدريبات مشتركة بشكل متكرر أكثر من أي وقت مضى. وقبل وقت قصير من رحلة شي إلى موسكو العام الماضي، تحدث مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، عن "فكرة كاريكاتيرية مفادها أن هذين البلدين أصبحا حليفين لا يمكن فصلهما". وخلال تلك الزيارة، وصف متحدث باسم البيت الأبيض العلاقة بين روسيا والصين بأنها "نوع من زواج المصلحة... أقل من كونها علاقة مبنية على المودة". إلا أن الوضع الحالي ينفي تلك التصريحات المهينة.

لنبدأ بتدفق التكنولوجيا الصينية وغيرها من العناصر المفيدة إلى الشركات المصنعة للأسلحة الروسية. فخلال زيارتين منفصلتين إلى الصين في أبريل/نيسان، قامت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، بتوبيخ المسؤولين الصينيين بشأن هذا الأمر. وصرح بلينكن للصحافيين في نهاية رحلته بأن الصين كانت "المورد الأكبر" للأدوات الآلية والإلكترونيات الدقيقة، والنيتروسليلوز (عنصر حاسم في قذائف المدفعية) وغيرها من العناصر التي تعتبرها أميركا "ذات استخدام مزدوج"، ما يعني أنها تستخدم في نواح مدنية وعسكرية. وأضاف: "سوف تعاني روسيا في مواصلة هجومها على أوكرانيا من دون دعم الصين". وفي وقت لاحق، أعلن رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج بريندي، أن التكنولوجيا الصينية مكنت روسيا خلال العام الماضي من إنتاج الأسلحة والذخيرة، بما في ذلك الصواريخ والدبابات، "بوتيرة أسرع من أي وقت مضى في تاريخها الحديث، بما في ذلك خلال الحرب الباردة".

بات وجود حدود لدعم الصين لروسيا موضع تدقيق مكثف من قبل الغرب. وفي كثير من المجالات، كانت الصداقة بين البلدين ترتقي إلى آفاق جديدة

وتدعم البيانات التجارية وجهة النظر الأميركية. فلنأخذ على سبيل المثال أدوات تشكيل المعادن اللازمة لصنع الأسلحة. فقبل الحرب في أوكرانيا، كان كثير من مزودي روسيا للأنواع المتقدمة من هذه الأدوات من أميركا وأوروبا والدول الغنية في آسيا. لكن العقوبات أدت إلى قطع هذه الإمدادات، ما دفع روسيا إلى اللجوء للصين. وفي عام 2022، ارتفعت واردات روسيا من الأدوات الآلية من الصين بنسبة 120 في المئة تقريبا لتصل إلى 362 مليون دولار، وفقا للبيانات التجارية الصينية. وفي عام 2023 ارتفعت مرة أخرى بنحو 170 في المئة. وتظهر البيانات التجارية أن حصة الصين من هذه الواردات الروسية ارتفعت من أقل من 30 في المئة قبل الحرب إلى حوالي 60 في المئة عام 2022 و88 في المئة عام 2023. وفي كتابته لمؤسسة "جيمستاون"– وهي مؤسسة بحثية أميركية، وصف بافيل لوزين هذا الاعتماد على الصين بأنه "ضعف وهشاشة متزايدين" بالنسبة لبوتين.

أ ف ب
جنود من قوات تايوان البحرية على متن زورق تابع لوحدة العمليات الخاصة اثناء تدريبات في 31 يناير

لا شك أن الصين تستمتع بهذا التحول. ففي الأيام الأولى للجمهورية الشعبية، قبل الانقسام الصيني-السوفياتي الذي بدأ أواخر الخمسينات من القرن الماضي، اعتمدت الصين بشدة على الاتحاد السوفياتي، "الأخ الأكبر" لها، للحصول على المساعدات والأسلحة. ويعتقد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهي مؤسسة أبحاث أميركية، أن زيارة شي جين بينغ إلى موسكو في مارس من العام الماضي أدت إلى تسريع هذا التحول. ووفقا لتقرير عن صناعة الدفاع الروسية، نُشر في أبريل/نيسان، فإن ذلك الشهر شهد "زيادة حادة" في الشحنات الصينية إلى روسيا من السلع ذات الاستخدام المزدوج التي صنفتها أميركا على أنها "ذات أولوية عالية". وهذا يعني أنها ذات أهمية كبيرة في صناعة الأسلحة الروسية وتخضع لضوابط تصدير مشددة في أميركا والدول الحليفة لها.

وتشكل الآلات والقطع الكهربائية، مثل رقائق الحاسوب، الحصة الأكبر من واردات روسيا من المنتجات ذات الأولوية العالية. ويشير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن معظم الموردين الرئيسين الأجانب للسلع العسكرية الرئيسة لروسيا هم من البر الرئيس للصين وهونغ كونغ. وتظهر البيانات التي جمعتها مجلة "ذي إيكونوميست" أن صادرات الصين من أشباه الموصلات إلى روسيا بلغت قيمتها ما يقرب من 230 مليون دولار في عام 2023، مقارنة بـ157 مليون دولار عام 2021. ونمت مبيعاتها إلى روسيا من آلات صنع رقائق الكمبيوتر بشكل ملحوظ في الفترة نفسها، من 3.5 مليون دولار فقط إلى ما يقرب من 180 مليون دولار. 

وتتضمن قائمة الأولويات العالية محامل كروية تستخدم في تصنيع الدبابات. وارتفعت صادرات الصين من هذه المنتجات بنسبة 170 في المئة تقريبا في العام الماضي مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، وهو العام الذي سبق الغزو الروسي الشامل. وفي الوقت نفسه، ارتفعت مبيعات الصين لهذه المنتجات إلى قيرغيزستان بنسبة تزيد على 1800 في المئة. وكتب ماركوس غارلاوسكاس وزملاؤه الباحثون لـ"مجلس الأطلسي"، وهو مركز أبحاث في واشنطن "في حين أنه من الممكن أن تحتاج السوق المحلية في قيرغيزستان فجأة إلى محامل كروية، إلا أن التفسير الأكثر ترجيحا هو أن هذه المنتجات يعاد تصديرها إلى روسيا على الفور".

وفقا لتقرير عن صناعة الدفاع الروسية، نُشر في أبريل/نيسان، فإن ذلك الشهر شهد "زيادة حادة" في الشحنات الصينية إلى روسيا من السلع ذات الاستخدام المزدوج التي صنفتها أميركا على أنها "ذات أولوية عالية"

كما ظهرت تجارة مزدهرة أيضا لمنتجين صينيين للعناصر التي ليست مدرجة على القائمة، ولكنها لا زالت تخضع للرقابة الغربية على الصادرات لأنها قد تكون مفيدة للجيش الروسي. لنأخذ على سبيل المثال الحفارات المستخدمة في حفر الخنادق. ارتفعت تسليمات الصين لهذه الحفارات إلى روسيا أربع مرات عام 2023 مقارنة بعام 2021. وساعدت الشاحنات الكبيرة المصنوعة في الصين روسيا على تزويد قواتها بالإمدادات، وكانت مبيعات هذه الشاحنات إلى روسيا في العام الماضي أكبر بسبع مرات مقارنة بعام 2021.

وتكثّف أميركا الآن ضغوطها على الصين لوقف بيع المعدات ذات الأولوية العالية. ففي الأول من مايو/أيار فرضت عقوبات على ما يقرب من 300 كيان أجنبي، بما في ذلك 20 شركة من الصين وهونغ كونغ. واتهمت وزارة الخزانة هذه الشركات بمساعدة روسيا في "الحصول على مكونات أساسية لإنتاج الأسلحة أو المنتجات المرتبطة بالدفاع".

ومن غير الواضح ما إذا كانت أي من الشركات الصينية تعمل بتوجيه من الحكومة. ومن بين هذه الشركات واحدة في ووهان، تدعى الشركة العالمية لتقنيات الحساسات "غلوبال سينسور تكنولوجي"، والتي يُزعم أنها صدّرت كاشفات الأشعة تحت الحمراء إلى روسيا، وشركة أخرى تدعى "جينمينغ شينغ للتقنية"، وهي شركة مسجلة في هونغ كونغ ولها عنوان في شينغن، يُزعم أنها زودت روسيا بأجهزة استشعار ضغط تُستخدم في الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية. وفي التاسع من مايو، فرضت أميركا عقوبات على عدة شركات صينية أخرى لأسباب مماثلة. وتصر وزارة الخارجية الصينية على أن تجارتها مع روسيا "طبيعية" وتتهم أميركا بأنها وراء تفاقم الصراع في أوكرانيا من خلال تزويدها بالأسلحة.

في بعض النواحي، يمكن للدول الغربية أن تطمئن إلى أن هناك حدودا للعلاقة بين الصين وروسيا، إذ إن الصين تدرك بوضوح مخاطر التصعيد مع أميركا. ففي ديسمبر/كانون الأول، سمح الرئيس جو بايدن لوزارة الخزانة بفرض عقوبات على المصارف الأجنبية المشاركة في صفقات تساعد الجيش الروسي. فأصبحت عدة مصارف مملوكة للدولة في الصين أكثر حذرا، وقامت إما بإيقاف أو إبطاء التعاملات التي تشمل كيانات روسية. وصلت التجارة بين روسيا والصين إلى مستوى قياسي بلغ 240 مليار دولار في عام 2023. ولكن بعد أن ارتفعت بنسبة 47 في المئة العام الماضي لتصل إلى 111 مليار دولار، تراجعت صادرات الصين إلى روسيا في الشهرين الماضيين، بنسبة 16 في المئة في مارس و14 في المئة في أبريل، مقارنة بالعام السابق. ومن المحتمل أن تكون مشاكل البنوك عاملا في ذلك.

ومن ناحية أخرى، فإن الدبلوماسية الصينية ليست محدودة باتجاه واحد فقط. إذ اعترف السيد بلينكن بدور الصين في إقناع روسيا بعدم استخدام السلاح النووي في أوكرانيا عندما كان بوتين يدرس الفكرة (يُقال إن السيد شي أثار هذا الموضوع خلال زيارته لموسكو العام الماضي). ولم تبد الصين حماسة تجاه قرار روسيا بغزو أوكرانيا (فهي لا تعترف بأن القرم ودونباس جزء من الأراضي الروسية كما يدعي بوتين). ومن الممكن أن لا يكون النصر الروسي الكامل في صالح الصين، حيث إنه سيزيد من تركيز الغرب على فشل الصين في كبح جماح روسيا وعلى التهديد الذي تشكله الصين للنظام الليبرالي الغربي.

ومع ذلك، فإن الصين حريصة في نهاية المطاف على ضمان بقاء النظام الروسي. فهي لا ترغب في أي نتيجة تؤدي إلى خسارة بوتين للسلطة. من جهة، يعتبر بوتين ذا فائدة كبيرة في الصراع بين الصين والغرب، وهذا يظهر من خلال العلاقة المتزايدة بين القوات المسلحة الصينية والروسية. فمنذ تولي شي السلطة، كثفت الدولتان من وتيرة تدريباتهما العسكرية المشتركة ونطاقها الجغرافي. وفي مارس أجرت القوات البحرية الروسية والصينية والإيرانية تدريبات مشتركة في خليج عُمان، وهي الأحدث في سلسلة بدأت عام 2018. وفي أغسطس/آب، قامت البحرية الروسية والصينية بدورية بحرية مشتركة بالقرب من ألاسكا، ربما كانت الأكبر من نوعها بالقرب من البر الرئيس الأميركي. وشاركت في هذه الدورية إحدى عشرة سفينة، بينها مدمرات وفرقاطات. وأرسلت البحرية الأميركية أربع مدمرات وطائرة مراقبة لمتابعتها.

إلا أن روسيا والصين ليستا في مرحلة الاستعداد للمشاركة في القتال معا حتى الآن. ففي تقريرها السنوي الأخير حول التهديدات، الذي نُشر في فبراير/شباط، أشارت الاستخبارات الأميركية إلى أن المناورات المشتركة أسفرت فقط عن "تحسينات بسيطة في التعاون المشترك". ويبدو أنها وسيلة للإشارة إلى عمق العلاقة بين روسيا والصين. وأشارت إحدى الرسائل الضمنية إلى أنه إذا دخلت الصين وأميركا في حرب، فإن أميركا ستضطر إلى أخذ بعين الاعتبار أن روسيا قد تقدم على الأقل دعما غير مباشر للصين.

وبالنظر إلى التحديات التي تواجه روسيا في أوكرانيا، ربما تكون الصين قد استنتجت أن محاولة الهجوم على تايوان عبر مضيق يتجاوز عرضه 125 كيلومترا بواسطة قوات تفتقر إلى الخبرة القتالية ستكون مغامرة من الأفضل تجنبها في الوقت الحالي، إن لم تكن مخاطرة وحسب. ومع ذلك، يسعى شي إلى إظهار استعداده للقتال أمام أميركا، ويعمل على تجهيز بلاده لهذا الاحتمال.

 أ ف ب

وتلعب روسيا دورا مفيدا في هذا السياق. ففي حالة نشوب حرب بين الصين وأميركا، يمكن لروسيا ضمان توفير جزء على الأقل من الطاقة التي تحتاجها الصين، وذلك بتجاوز النقاط البحرية التي تسيطر عليها أميركا باستخدام خطوط الأنابيب والطرق البرية. وفي العام الماضي، بلغت واردات الصين من النفط الروسي مستوى قياسيا بلغ 107 ملايين طن، بزيادة قدرها 24 في المئة عن عام 2022. وتشكل روسيا مصدر حوالي خُمس واردات الصين من النفط الخام، مما جعلها أكبر المصدرين (تليها المملكة العربية السعودية، التي شحنت 86 مليون طن). كما ارتفعت واردات الصين من الغاز الطبيعي الروسي بنسبة 62 في المئة. وتسعى روسيا إلى بيع المزيد للصين عبر خط أنابيب الغاز الثاني المقترح الذي يُطلق عليه اسم "قوة سيبيريا 2". واستمرت المحادثات لعدة سنوات، حيث كانت الصين تتفاوض بقوة بشأن السعر.

بالنظر إلى التحديات التي تواجه روسيا في أوكرانيا، ربما تكون الصين استنتجت أن محاولة الهجوم على تايوان عبر مضيق يتجاوز عرضه 125 كيلومترا بواسطة قوات تفتقر إلى الخبرة القتالية ستكون مغامرة من الأفضل تجنبها في الوقت الحالي

وبعبارة ألطف، لم تجعل حرب بوتين في أوكرانيا الحياة سهلة بالنسبة للرئيس شي. إذ ركزت الانتباه الغربي على الحاجة إلى تعزيز دفاعات تايوان، مما سيجعل الاستيلاء على الجزيرة أمرا أكثر صعوبة بالنسبة للرئيس شي. وجعلت هذه الحرب الدول الأوروبية أكثر حذرا في التعامل مع الصين، حيث يُنظر إلى دعمها لروسيا (على الرغم من حيادها المعلن في النزاع الأوكراني) على أنه تهديد غير مباشر لأمن القارة.

ولكن إذا كان لدى الرئيس شي أي شكوك حول التداعيات السلبية للحرب، فإنه لن يسمح لها بإضعاف العلاقة مع روسيا. ويبدو أن علاقة ودية حقيقية تربطه ببوتين، فهما يتبادلان كعكات عيد الميلاد، ويشربان الفودكا معا، ويصف كل منهما الآخر بـ"الصديق العزيز". والرئيس شي واقعي للغاية، فهو يقدر هذه الصداقة لما توفره من أمان على طول حدودهما المشتركة البالغة 4,300 كيلومتر (وهو شرط أساسي لمواجهة أميركا- فالصين لديها ذكريات سيئة عن توترات الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي).

بالإضافة إلى ذلك، يجعل بوتين الحزب الشيوعي (الصيني) يشعر بمزيد من الأمان، فإذا حكم روسيا زعيم ليبرالي موال للغرب، فإن شي جين بينغ سيخشى من انتشار العدوى إلى بلاده. وفي اجتماعهما في موسكو العام الماضي، تعهد الزعيمان بالتعاون في مكافحة "الثورات الملونة"، أي التحديات الشعبية للحكم الاستبدادي. هذه العلاقة ليست زواج مصلحة، بل هي ضرورة حيوية وطويلة الأمد بالنسبة لكلا الرجلين.

font change

مقالات ذات صلة