في مذكراته، يصف رئيس الحكومة السورية الأسبق خالد العظم أول لقاء جمعه بالملك عبد العزيز آل سعود في الرياض، قبل وقوع نكبة فلسطين سنة 1948:
"دخلنا البهو الكبير فرأينا الملك جالسا على مقعد بزاوية الصدر اليسرى، وإلى جانبه منضدة فوقها آلة هاتف. تقدمنا إليه، فانتصب واقفا بقامته الطويلة، ورحب بقدومنا، وأجلسنا إلى جانبه. وقد جلب انتباهي أن الأمراء أبناء الملك لم يجلسوا بجانبه، بل بجانب الباب بعيدين. كان الملك يجلس على كرسيه، وينظر إلى الجميع، يؤانسهم بالكلام، ويتحفهم بيده الكريمة (بالطعام). وبعدها يستمع إلى أخبار الساعة من ثلاثة موظفين يجلسون أمامه، أولهم لنقل أخبار القاهرة، والثاني لنقل أخبار لندن، والثالث لنقل أخبار برلين. وكان الملك يوقف القارئ بين الفترة والأخرى ليعلق على الخبر، ذاكرا ملابساته ونتائجه".
كانت الأخبار كلها تتحدث عن مظاهرات عارمة تطوف شوارع دمشق على أبواب السفارتين الأميركية والسوفياتية، وأخرى في القاهرة أحرقت مركزا بريطانياً في منطقة الزقازيق، مع مقتل 75 يهوديا في عدن رداً على تجاوزات العصابات الصهيونية ومجازرها في فلسطين. يوم 9 أبريل/نيسان وقعت مجزرة دير ياسين الشهيرة غرب القدس، قتل الصهاينة فيها 245 فلسطينيا من المدنيين العزل، وفي الثالث عشر من الشهر نفسه، تقدموا باتجاه مدينة صفد، ومن ثم حيفا ويافا.
تأسيس "جيش الإنقاذ"
كان الملك عبد العزيز يستشيط غضبا من هذه الأنباء، ويدعو إلى نصرة قائد "جيش الإنقاذ" فوزي القاوقجي، الذي عرفه جيدا مذ جاء المملكة لاجئا سياسيا، وكلف بتدريب الجيش السعودي سنة 1928. وكانت فكرة "جيش الإنقاذ" بالأساس هي فكرته، بالتشاور مع الرئيس السوري شكري القوتلي، وقد اختار القاوقجي لقيادته لما عرف عنه من شجاعة ورباطة جأش. أراد الملك عبد العزيز تسميته "جيش نصرة المسلمين" ولكن الملك فاروق قال له إن الجيش سيكون مؤلفا من متطوعين مسيحيين أيضا، واقترح اسم "جيش تحرير فلسطين". وفي النهاية اعتمد اسم "جيش الإنقاذ" الذي كان الرئيس القوتلي قد اقترحه وتطوع لإقامة معسكراته في ريف دمشق.