"آخر سهرة في طريق ر" هو آخر أفلام المخرج والكاتب محمود الصباغ، الذي اقتحم الساحة مبكرا في 2016 بفيلم "بركة يقابل بركة" الذي أثار ضجة في الأوساط الفنية والثقافية السعودية. وقد بدأ عرض الفيلم الجديد في صالات السينما وهو من بطولة عبدالله البراق ومروة سالم، وتدور أحداثه خلال ليلة واحدة وتتبع فرقة أغان شعبية للمناسبات تعاني في ظل التغيرات الجذرية التي أصابت المشهد الفني السعودي. بعدما كان المجتمع يتسابق على حجز فرق الأغاني الشعبية في السابق، توسعت دائرة الأذواق وأصبحت تشمل أنواعا جديدة من الفنون لا يمكن حصرها في نمط بعينه.
مع كل تغيير في أي اتجاه كان، هناك من يبقى في الخلف متأخرا عن الجميع. أبو معجب بطل الفيلم (عبدالله البراق) وفرقته المكونة من مطربة وعازف عود أعمى ورجل كبير في السن لم تبقِ المخدرات شيئا من عقله، يعتبر من أواخر مقاومي هذا التيار الفني الجديد والجامح. بينما تسيطر الأغاني الأجنبية على الحفلات الجديدة، هو يقدم فنا شعبيا، يتم حجز الفرق الفنية من طريق البريد الإلكتروني أو رسائل "واتساب"، هو ينتظر رنين جهاز الإرسال المرتبط بسيارته، يتقاضى الفنانون أجورهم من طريق التحويلات البنكية، وهو يصر على أن يقبض أجره نقدا. لكن برغم رفضه القاطع للتغيير، هو وفرقته لا يعدّان سوى حجر عثرة ضئيل الحجم أمام ضخامة موجة الانفتاح الجديدة.
عمل شخصي
هذه القصة الفريدة، من الواضح أنها عمل شخصي لمحمود الصباغ، فقد تحدث عن اهتمامه بتسليط الضوء على نوع من الشخصيات المهمشة التي لم يعتد عليها المشاهد كأبطال لقصتها. حينما نفكر ببطل قصة كلاسيكي، نحن نشاهد بطلا يشكل ظروفه بنفسه ويحاول أن يقهر الصعاب حتى يصل إلى هدف بعيد وشبه مستحيل، ولكن من خلال العزيمة والإصرار يمكن تذليل الصعاب وتخطيها. حالة أبو معجب مختلفة تماما، فهو أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يتأقلم مع هذا التغيير ويعتنق الحداثة المسيطرة على الساحة الفنية التي اعتاد عليها، أو أن يجد مهنة أخرى.