في الأيام الأولى للحرب التي اندلعت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصراع القادم بأنه "حرب استقلال ثانية"، في إشارة إلى الحرب العربية الإسرائيلية الأولى التي اندلعت بعد ساعات من إعلان إسرائيل استقلالها. وفي خطاب يذكرنا بخطابات ونستون تشرشل في زمن الحرب، أعلن نتنياهو أن إسرائيل سوف تشارك في القتال "في البر والبحر والجو"، وأكد عزمه على تحقيق "النصر الكامل".
ويمكن تنحية هذا الخطاب باعتباره نموذجا لذوق نتنياهو الدرامي، إلا أننا لا يمكن تنحية الشعور العميق بالتهديد الوجودي الذي يشعر به كثيرون في إسرائيل. وبالنسبة للمراقبين الخارجيين، كانت هجمات 7 أكتوبر هائلة وغير مسبوقة، إلا أنهم لم يروا فيها تهديدا لوجود إسرائيل ذاته. لقد كسرت "حماس" شعور إسرائيل بالأمن، ولكن خطر هزيمة إسرائيل الحقيقية لم يكن متصورا على الإطلاق.
أما بالنسبة للإسرائيليين، فقد بدا ذلك الاحتمال ممكنا تماما، بعد أن اقتحم مقاتلو "حماس" البلدات والمجتمعات الحدودية، ودخلوا البيوت واحدا تلو الآخر ليقتلوا ويشوهوا. وبالتأكيد، ليس هناك خوف وجودي أعمق من الخوف من رؤية منزلك يتعرض للغزو. ولقد كان ذلك الخوف الغريزي هو على وجه التحديد ما سعت "حماس" إلى إشعاله عندما اخترقت الحدود وغزت الكثير من البلدات الإسرائيلية- وبعضها كان آخر معاقل معسكر السلام الإسرائيلي- وهي تصور الفظائع التي ترتكبها لبث الرعب.