تهافت "الأبطال الخارقين" يرمي هوليوود في أحضان ألعاب الفيديوhttps://www.majalla.com/node/316361/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9/%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%81%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D9%82%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D8%B1%D9%85%D9%8A-%D9%87%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%88%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D8%A3%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88
أُطلق أخيرا جزء جديد من لعبة "تداعيات" Fallout (سلسلة الألعاب المشهورة منذ فترة طويلة)، وحاز استحسان المتابعين. وصف نقاد المغامرة التي تدور أحداثها بعد كارثة نهاية العالم، بأنها "جوهرة نادرة" و"تجربة ممتعة بامتياز" من حيث المظهر والشكل، يشبه الإصدار الجديد من لعبة Fallout الإصدارات السابقة إلى حد كبير. الفرق يكمن في أن الإصدار الأخير لم يكن لعبة على الإطلاق، بل كان مسلسلا تلفزيونيا.
لطالما كانت عملية تحويل/إعداد ألعاب المغامرات القديمة (ذات الرسوم البدائية) إلى أفلام حركة، مهمة أعيت كتّاب السيناريو في هوليوود، ونتيجة ذلك، شهدنا بعض الأفلام الفاشلة مثل أفلام "قتال الشوارع" (1994) و"الهلاك" "Doom" (2005). يعترف مطور أحد الألعاب المشهورة أن الفيلم المقتبس منها قبل نحو عقد من الزمان كان أسوأ فيلم شاهده على الإطلاق.
لكنّ شركات الإنتاج تعمل في هذه الأيام على إعادة صياغة الألعاب وتحقق النجاح التجاري والنقدي. ففي العام الماضي، حقق فيلم "الأخوان ماريو الخارقان" ثاني أعلى إيرادات في شباك التذاكر العالمي. وحصد مسلسل "آخر الأحياء" The Last of us، وهو مسلسل تلفزيوني مستوحى من لعبة "بلايستيشن"، مجموعة من جوائز "إيمي" في يناير/كانون الثاني 2024. وهناك المزيد من الألعاب المحولة إلى أفلام، حيث يورد موقع آي جي إن “IGN”، المتخصص في الترفيه، أكثر من 70 لعبة فيديو قيد التطوير للسينما أو التلفزيون، بما في ذلك عروض مبنية على لعبة "لصّة القبور" Tomb Raiderو"عصبة الأبطال" League of Legends وأفلام مبنية على "زيلدا" و"ماين كرافت".
تعمل شركات الإنتاج على إعادة صياغة ألعاب الفيديو وتحقيق النجاح التجاري والنقدي
بعد القصص المصورة
ما الذي يفسر الحماسة لهذه العروض المبينة على الألعاب؟ أحد الأسباب أن المصدر المفضل للمواد الإبداعية لدى هوليوود، وهو القصص المصورة، أصبح مملا. لقد سادت أفلام الأبطال الجبابرة شباك التذاكر لمدة عقدين من الزمان. ولكن يبدو حاليا أن كل فيلم تنتجه شركة "مارفل" يصيب نجاحا أقل وإشادة أبهت من سابقه. فيلم "الأبطال المذهلون" The Marvels، الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كان الأقل إيرادات حتى الآن. وفي المقابل، تقدم الألعاب بديلا "فهي نبع لا ينضب من القصص القابلة للاقتباس، ولها جمهورها الواسع، وتملك سنوات وسنوات من القصص والسرديات، بالإضافة إلى احتمالات لا تنتهي من العروض المقتبسة والمتشعّبة عن هذه القصص"، كما يقول فريد بلاك من شركة "أمبير" للأبحاث.
وتعدّ شركتا "أمازون برايم فيديو" (التي أنتجت "تداعيات") و"نتفليكس" رائدتي الموجة الجديدة من الاقتباسات، وباعتبارهما شركتين وافدتين حديثا على عالم هوليوود، فهما في سعي دؤوب لشراء المحتوى لجذب المشتركين. على عكس المنافسين الأقدم مثل "ديزني" (التي تمتلك شركة "مارفل")، فإن أرشيفهما من الأعمال والشخصيات والأفكار التي تمتلكان حقوق ملكيتها الفكرية محدود للغاية. ويشرح ذلك السيد بلاك بقوله إن "معظم مسلسلات القصص المصورة كانت في السابق محمية من قبل مالكيها، لذا كان عليهم البحث عن شيء آخر". فجاءت ألعاب الفيديو لتوفر بديلا مربحا، كما يتضح من الأعمال المقتبسة من مثل "كاستلفانيا" Castlevania (2017) و"السّاحر" The Witcher (2019)، التي حظيت باهتمام كبير من استديوهات هوليوود.
إقبال متزايد
زاد الإقبال على هذه الألعاب بفضل الهواتف الذكية (التي وضعت وحدة تحكم مصغرة في جيوب الجميع) وجائحة كوفيد-19 (التي خلقت الملايين من اللاعبين الجدد بسبب الملل المطلق). يلعب أكثر من 100 مليون شخص الألعاب الكبيرة مثل "ماين كرافت" كل شهر، مما يضمن وجود جمهور محتمل كبير للأفلام المقتبسة من الألعاب. أما الفئة الواسعة والمتقدمة عمريا من اللاعبين فتزيد سهولة الحصول على موافقة هوليوود على مشاريع إنتاج هذا النوع من الأفلام. لقد كانت الأجيال السابقة من المنتجين مرتبكة بسبب ألعاب الشباب. والجدير ملاحظته أن أقطاب صناعة الأفلام اليوم كبروا وهم يلعبون هذه الألعاب.
زاد الإقبال على هذه الألعاب بفضل الهواتف الذكية وجائحة كوفيد-19
الأهم من ذلك، أن الألعاب الحديثة تشكّل مادة أفضل للاقتباس والإعداد من سابقاتها. يتمتع مسلسل "تداعيات" من "أمازون" بسيناريو محكم وطاقم عمل قوي. لكن أحداثه الملحمية التي تحصل بعد كارثة نهاية العالم، والحبكة الملتوية، والخلفية الدرامية الغنية كلها تنبع من اللعبة. كانت نسخة "بلاي ستيشن" من لعبة "آخر الأحياء" سينمائية الى درجة أن المشاهد الافتتاحية في نسخة المسلسل المقتبس منها الذي أنتجته منصة "وورنر" التلفزيونية، لم تجر عليها سوى تعديلات بسيطة. لقد كانت الشخصيات المحورة، جويل وإيلي، مرسومة بالفعل بشكل حي، كما استعار المسلسل التلفزيوني الكثير من حواراته من اللعبة.
على الرغم من جميع النجاحات الأخيرة، إلا أن المسلسلات والأفلام المقتبسة من الألعاب لم تقدم الأداء المتوقع منها كما فعلت أفلام ومسلسلات الأبطال الخارقين. ولم ترقَ مسلسلات مثل "الهالة" Halo من "باراماونت" و"الشر المقيم" Resident Evil من "نتفليكس" إلى مستوى التوقعات. ووفقا لفريد بلاك، فإن أكثر تعديلات الألعاب نجاحا هي تلك التي تمتلك علامات تجارية مميزة الى درجة أنه حتى غير اللاعبين يتعرفون اليها – مثل ماريو أو سونيك أو "الطيور الغاضبة" Angry Birds– أو تلك التي تكون مشوقة جدا الى درجة أن أصلها الرقمي لم يعد مهما. الحلقة الأولى النارية من "Fallout" تحمل عنوان "النهاية" ولكن بالنسبة إلى عالم الألعاب، فإن هذه مجرد البداية. وأخيرا لعل هذا العنوان يشكل مفارقة توضح البعد الجديد للأعمال المقبلة، ويشير إلى أنه في عالم اقتباس ألعاب الفيديو للسينما والتلفزيون، فإننا نشهد مجرد بداية لاتجاه توسعي.