عند الحديث عن تبريرات إسرائيل لحربها على غزة، دائما يكون حاضرا ما سمته القيادة الإسرائيلية هدفها المعلن من الحرب، ألا وهو اقتلاع "حماس" من غزة، وإنهاء سيطرتها هناك، ومنع أية إمكانية مستقبلية لتعود وتشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل.
ومع امتداد الحرب لفترة تجاوزت سبعة أشهر، بحيث أصبحت أطول حروب إسرائيل المستمرة والمباشرة، وبالطبع الحرب الأكثر أهوالا للفلسطينيين، في غزة تحديدا وفي عموم فلسطين التاريخية عموما، كما لآثارها على إسرائيل والكثير من الإسرائيليين. فإن المراقبين، وبعض السياسيين الإسرائيليين، باشروا بمراجعة أهداف الحرب المعلنة والاعتراف علنا بأن اقتلاع "حماس" نهائيا أمر غير ممكن، وأنها ستبقى، بأشكال مختلفة، حاضرة في غزة والضفة وعموم الوجود الفلسطيني، وأن مسألة إنهائها مهمة غير قابلة للإنجاز، حتى في حال سيطرة إسرائيلية كاملة على قطاع غزة.
من المهم هنا الإشارة إلى مسألتين في غاية الأهمية:
الأولى، أن إسرائيل حاولت وخلال ثلاثة عقود ونيف أن تقتلع "حماس" وتنهيها، إلا أنها لم تستطع ذلك، وإضعاف "حماس" في القدس مثلا لم يؤد إلى إنهاء دورها في باقي الضفة الغربية، كما أن إضعافها في غزة، لن يؤدي إلى إنهاء دورها في الضفة، والعكس صحيح.
الثانية، أن السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس كانت دائما تعيش على أمل إنهاء قدرات "حماس" عموما وشعبيتها لدى الفلسطينيين خصوصا، وتتهمها "حماس" بأنها ساهمت في دعم الجهود الإسرائيلية بشكل مباشر أو غير مباشر، إلا أن ذلك لم يضعف "حماس" بل جعلها أكثر قوة لدى مؤيديها.