لا تزال يوكو أونو وهي في سن الحادية والتسعين قادرة على السخرية بطريقتها الصارمة والمرحة في الوقت نفسه من كل ما نظنه فنا. وهي أيضا لا تخفي عداءها لفكرة الجمال الأيقوني الخالد.
أونو تعرف كل شيء عن كل الفن. حقيقته وزيفه. منذ بداية ستينات القرن الماضي، اتخذت موقفا منحازا ضد الفن الرسمي. فعلت كل شيء من أجل أن تعلن اختلافها. رسمت ونحتت وغنت وتعرّت وعزفت وصورت أفلاما كانت بطلة في بعضها وكتبت الشعر والإعلانات وتظاهرت، أزعجت كثيرا وأراحت كثيرا. شاركت جون لينون، عضو فرقة البيتلز البارز ومؤلف أغنياتها حتى في لحظة موته. وإذ يستعيدها "تيت مودرن" بلندن في معرض شامل، فإنه يستعيد معها ومن خلالها مرحلة مهمة من تاريخ عصرنا، اصطدم فيها الموقف الاجتماعي بالسلوك السياسي.
اعتبرت أونو الفن سلاحا اجتماعيا في مواجهة السياسة. هل كان فنها مجرد وثيقة، تنتهي أهميته بانقضاء مرحلته التاريخية؟ ذلك سؤال مهم يجيب عنه المعرض الحالي باستفاضة، نظرا الى كثرة ما يضم من أعمال. لطالما كانت يوكو أونو مخترعة أساليب في التعبير من خلال الفنون المعاصرة التي يعود الفضل في اختراعها إلى الفرنسي مارسيل دوشان وخليفته الألماني يوزف بويز. عرفت أونو كيف تهندس خطواتها فتكون، برقّة الأنثى، خبيرة في متاهات الجسد البشري الذي صنعت منه خرائط لنزقها المتمرد. وليس من قبيل المبالغة القول إن فنها صار عصيا على النسيان لأنه لا يزال يمارس تأثيره على أجيال فنية لم تتعرف أسبابه لكن سحره لا يفارقها.