يتوجه الناخبون في دول الاتحاد الأوروبي إلى صناديق الاقتراع بين يومي 6 و9 يونيو/ حزيران المقبل، لاختيار ممثليهم في البرلمان الأوروبي. وسيكون هذا الاستحقاق مناسبة لرصد التحولات في المشهد السياسي داخل البلدان السبعة والعشرين، خاصة انه الأول بعد الحرب الاوكرانية، وعلى ضوء تدهور القدرة الشرائية وازمة قطاع الزراعة والجدال حول الهجرة والسيادة وما عداها من موضوعات تنقسم حولها القوى المتنافسة.
وأبرز ما سيوضع تحت المجهر، هو نسبة اصوات اليمين المتشدد وموقعه في برلمان ستراسبورغ ومدى تأثير ذلك على سياسات أوروبا الداخلية والخارجية. والأرجح ان توقع صعود اليمين المتطرف وانهيار حزبي الخضر والليبيراليين لن يغير بشكل جذري تكوين البرلمان الأوروبي بعد انتخابات يونيو/حزيران ولن يؤثر ذلك على سياسات الاتحاد، بل سيتم على المدى المتوسط تلمس اثار هذا الانزياح الحاد نحو اليمين في وجهيه التقليدي والأقصى.
اعادة رسم المشهد الأوروبي ؟
عشية الانتخابات الأوروبية، لا تزال القارة القديمة تعاني من آثار عودة الحرب إلى شرقها ومن انعكاسات جائحة "كوفيد -١٩" بالرغم من خطة الانعاش الاقتصادي التي تم العمل بها والتي بلغت قيمتها ٧٥٠ مليار يورو. وتفاقم الوضع الاقتصادي مع انهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي؛ والدعم المالي والإنساني والعسكري لأوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك، تزايدت التحديات: بلورة استراتيجيات جديدة لتنظيم التجارة والسوق الرقمية والذكاء الاصطناعي، أزمة القدرة التنافسية، وضعف التحول في الطاقة (التقنيات الجديدة والانتقال إلى الاقتصاد الاخضر)، الأخطار الجيوسياسية والتكنولوجية، وسياسة الهجرة المثيرة للانقسام والمتنازع عليها.
وفي الخلفية، كانت أوروبا منقسمة حول مقاربة السيادة بين مؤيدي الانطواء الوطني ومؤيدي تعزيز الوحدة السياسية للاتحاد الأوروبي، حيث لم يعد النقاش يدور حول الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، بل حول أوروبا وبنائها ومستقبل موقعها في العالم.
من دون شك، ستؤثر نتائج الانتخابات على جدول أعمال البرلمان للسنوات الخمس المقبلة (مدة ولاية البرلمان الذي انطلق عام ١٩٧٩). لكن الاهم سيتمثل في الاحاطة بالانعكاسات على اعادة رسم المشهد السياسي الأوروبي.
أظهر آخر استطلاع للرأي أُجري في 18 دولة من دول التكتل، أن الغالبية البرلمانية الأكثر حظاً في البقاء (398 مقعداً من أصل 720)، هي أكبر ائتلاف مؤيد للاتحاد الأوروبي، وينتمي إلى يمين الوسط، وحزب الاشتراكيين الديمقراطيين وحزب الشعب الأوروبي، والديمقراطيين الليبيراليين في حركة تجديد أوروبا، وهم المعسكر ذاته الذي حاز الغالبية في الهيئة التشريعية المنتهية ولايتها، حيث يتمتع "حزب الشعب الأوروبي" ( يمين الوسط) بالغالبية النسبية (177 مقعداً)، يليه الاشتراكيون والديمقراطيون الليبيراليون.