عرفه الناس وتعلقوا به من خلال قصائده المغناة المعبرة عنهم، وحينما اجتمعوا به في أمسياته الشعرية الجماهيرية عرفوه على طبيعته وبساطته التي شكلت لوحة فنية خالدة للمحبة بين الشاعر ومعجبيه.
حياته
ولد في الرياض 2 أبريل/نيسان1949 وترعرع في بيت والده المحب للعلم وفي مجلسه العامر بالعلماء والأدباء والمفكرين. بيت أحيط بالعلم والثقافة والسياسة، ولعل هذه النشأة شكلت في داخله الكثير من التحولات وكانت السبب الرئيس وراء تعلقه بالشعر ونبوغه فيه كظاهرة استثنائية.
عن هذه المرحلة يقول في حوار أجراه معه سعيد المحارب ونشر على صفحات "المجلة"عام 2007: "كان والدي- رحمه الله- شاعرا، لم يكن مشغولا بالشعر، لكنه كان يكتب أبياتا شعرية بين فترة وأخرى، وكانت والدتي الأميرة وضحى الحمود آل رشيد- رحمها الله- تكتب قصصا، وسبقتني أختي الأميرة مشاعل بنت عبد المحسن إلى الشعر، ونشرت ديوان شعر فصيح في وقت مبكر، فقد نشأت في بيت يهتم بالأدب، وعلى الأرجح ساهم هذا بصورة ما في اتجاهي إلى الشعر، وإلى الرسم أيضا".
درس المرحلة الابتدائية في السعودية وأكمل المرحلة المتوسطة في مصر في مدرسة الملكة فكتوريا في الإسكندرية، ومن ثم عاد إلى الرياض لإكمال دراسته الثانوية، ليسافر بعدها لإكمال تعليمه في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال تكريمه الأمير بدر بن عبد المحسن إلى جانب الأمير خالد الفيصل
لم تخل حياة البدر من رفاق العمر وصحبة شعراء مؤثرين في الساحة الشعرية، كمحمد العبد الله الفيصل وخالد الفيصل وخالد بن يزيد ومحمد بن أحمد السديري وعبد الرحمن بن مساعد، وغيرهم.
ريادة شعرية
يعد أحد رواد الحداثة الشعرية بين شعراء الجزيرة العربية، نتيجة ما قدمه الى المشهد الشعري من قصائد راقية تنوعت بين الرثاء والفخر والغزل، إضافة إلى رصيده في الشعر الاجتماعي والوطني.
ولجمال قصائده الغنائية وعذوبتها وتفردها، انجذب نحوه ملحنو وفنانو الخليج العربي، أمثال سامي إحسان، وطلال مداح، وعبد الرب إدريس، ومحمد عبده وعبادي الجوهر، وعبد المجيد عبدالله وعبدالله الرويشد وخالد عبد الرحمن وراشد الماجد وغيرهم.
أسّس البدر طوال مسيرته مدرسة شعرية أودعها دواوينه ابتداء من العام 1989 وهي: "ما ينقش العصفور في تمرة العذق"، و"رسالة من بدوي" و"لوحة ربما قصيدة"، و"شهد الحروف" و"هام السحب". إضافة إلى ما كتبه من نثريات، ولوحات تشكيلية، وأوبريتات وطنية منها: الله البادي، وقفة حق، فارس التوحيد، وطن الشموس، أئمة وملوك، وفوق هام السحب.
تلك المدرسة تميّزت بالبساطة والعمق والكثافة الشعرية والصور المدهشة، التي صنعت حداثتها وريادتها، وجعلتها تشقّ طريقها الخاص وقرّبتها من روح الشباب. في ذلك يقول الراحل الكبير في الحوار نفسه الآنف الذكر: "الفرق بيننا وبين شعراء العامية في القديم هو مقدار الصور المتاحة، وقد تلاحظ أن بعض شعراء العامية القدماء توسعت صورهم، بالمقارنة مع مجايليهم، بسبب انتقالهم إلى بيئات متعددة، ومتحضرة (...) وهو ما سمح بتوسع صورنا واختلافها عن ما كان لدى أسلافنا، فهو فرق في الثقافة لا في مجرد الصورة الشعرية".
هذا المنحى المديني نجده متجسدا في بنية قصيدة البدر التي تبتعد عن الكلمات والصور الوحشية وتنحاز إلى البساطة والوضوح، دون أن تتخلى عن عذوبتها وصوتها الشعري الرفيع. نجده مثلا يكتب في قصيدة "الشفق":
يا حبيبي وأنا مثلك غريب
عن حمى النوم غربني أرق
اقطع الليل لديار النهار
واغسل الدمع من شط العرق
ولا جمعني بك الموعد لمحت
ألف نجمٍ توهج .. واحترق
أجمل العمر طفلٍ من غلاه
قمت أضمه لصدري واختنق
لكن هذه الحداثة لم تبعده عن جذوره وأصالته، ولم تتحوّل تغريبا واغترابا، فهي تنهل من تربة الأرض التي ينتمي إليها. فيكتب مفتخرا بتلك الجذور في"رسالة من بدوي":
أنا بدوي .. ثوبي على المتن مشقوق
ومثل الجبال السمر صبري ثباتي
ومثل النخيل خلقت أنا وهامتي فوق
ما عتدت أنا احني قامتي إلا فصلاتي