في الأسبوع الأخير من شهر أبريل/نيسان 1945 وبفارق 48 ساعة، لقي كل من بنيتو موسوليني، وأدولف هتلر مصرعهما في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. كان موسوليني قد حكم إيطاليا بصفته رئيسا للحكومة منذ سنة 1922، وعرف جماهيريا باسم "الدوتشي" (القائد). كانت له شعبية منقطعة النظير، تراجعت بشكل كبير إبان تحالفه مع هتلر، وبعد غزو الحلفاء لجزيرة صقلية، صدر قرار من ملك إيطاليا إيمانويل الثالث بعزله ووضعه قيد الإقامة الجبرية في سلسلة جبال الأبينيني في يوليو/تموز 1943.
بعدها بشهرين، تدخل هتلر لإطلاق سراحه عبر عملية استخباراتية دقيقة، ونصب موسوليني حاكما إقليميا على "الجمهورية الإيطالية الاشتراكية" شمالي البلاد، المدعومة من الرايخ الثالث في برلين. وعندما اقتربت قوات الحلفاء من مدينة ميلانو التي كان يتخذها موسوليني مقرا له، حاول الهروب إلى سويسرا في سيارة ألفا روميو رياضية مع عشيقته كلارا بيتاشي. لبس خوذة عسكرية مع معطف حربي كان يرتديه الجنود الألمان، أملا في إخفاء معالم وجهه المعروف جدا لكل الإيطاليين. كان وجه "الدوتشي" يملأ كل مكان في إيطاليا منذ مطلع العشرينات: الشوارع والساحات العامة، دور السينما، الصحف اليومية، حتى النقود المعدنية كانت تحمل رسمه. لم ينفعه التنكر فاعتُقل مع عشيقته وأعدما رميا بالرصاص في قرية صغيرة على شاطئ بحيرة كومو في 28 أبريل/نيسان 1945.
كانت تصفية سريعة، خوفا من تدخل جديد من هتلر لإطلاق سراحه كما فعل سنة 1943. نُشرت صورهما معلقين من أرجلهما على قضيب معدني في محطة وقود بميلانو، وقد أزعجت أدولف هتلر كثيرا، فصمم أن لا يعطي الحلفاء شرف اعتقاله وإعدامه بشكل مماثل... بعد يومين من مقتل موسوليني، انتحر الزعيم الألماني في ملجئه ببرلين، ومعه عشيقته إيفا براون التي تزوجها قبل ساعات من وفاته. أنهت براون حياتها بتناول جرعة من السم بينما أطلق هتلر النار على نفسه من مسدسه الحربي في 30 أبريل 1945.
جثمانا هتلر وموسوليني
مصير جثماني موسوليني وهتلر لم يقلّ فظاعة عن حياتيهما وطريقة وفاتهما. أمر هتلر أن تُلف جثته وجثة إيفا براون بسجادة، وأن تنقل إلى الحديقة الواقعة خلف الملجأ لتحرق بالبنزين. أما جثة موسوليني وعشيقته، فقد ألقيت في ركن من ساحة عامة وسط ميلانو، تحول اليوم إلى أحد فروع مطعم ماكدونالدز الأميركي للوجبات السريعة. قبل أشهر كان موسوليني قد ألقى بجثث أعدائه في المكان نفسه، ونزل الإيطاليون للانتقام منه، يرمون جثته بالخضراوات الفاسدة، ويركلونها بأرجلهم. حتى إنّ سيدة أفرغت مخزون مسدسها في جسده، وقالت: "خمس رصاصات لأبنائي الخمسة الذين أعدمتهم". دُفنت الجثة في قبر مجهول حتى سنة 1946 يوم تعرف أحد المهووسين على المكان، فأخرجها من الحفرة، وغسّلها ثم ترك رسالة تقول: "أخيرا أيها القائد، لقد عدت لنا".