بدأت هذه الأحداث قبل بضعة أيام، عندما صرح مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، بأنه "لا يوجد برنامج مجدول لزيارة الرئيس أردوغان"، خلال الزيارة الرسمية للرئيس التركي لواشنطن بتاريخ 9 مايو/أيار، حيث سيجري محادثات رسمية مع الرئيس جو بايدن.
من الجهة المقابلة، أكدت مصادر تركية رسمية لم يُعلن عن أسمائها ومعها السفير الأميركي في أنقرة أن الزيارة كانت مقررة بالفعل. ثم مرّ يومان من الغموض، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية بعدها أن زيارة الرئيس أردوغان إلى الولايات المتحدة قد تأجلت إلى موعد لاحق، بسبب تضارب المواعيد.
إنه عالم محموم حقا ومن يدري؟ فقد يكون الأمر محض تضارب في المواعيد حقا، غير أن البعض يرى أن هناك أبعادا سياسية أعمق قد تكون وراء هذا التأجيل. وهكذا، ربما بتنا نعرف الآن ما إذا كانت هذه الزيارة ستحدث في ذلك التاريخ المحدد أم لا، لكن الأسباب وراء ذلك لا تزال غير واضحة وتحتمل الكثير من التكهنات.
هذه الزيارة لو حدثت كانت ستكون هي الزيارة الرسمية الأولى للرئيس التركي إلى واشنطن منذ تولي جو بايدن الرئاسة، وتأتي في ظل تطورات حاسمة على الساحة الدولية، بما في ذلك الحروب المدمرة في أوكرانيا وغزة. تأتي هذه الزيارة في منعطف تحتاج فيه العلاقات التركية الأميركية، الغارقة في التحديات، إلى إعادة توجيه.
التقى بايدن وأردوغان مرتين أو ثلاثا على هامش قمة "الناتو"، وكان آخرها عام 2023 في فيلنيوس، وتحدثا عدة مرات عبر الهاتف، لذلك، يمكن وصف علاقتهما بأنها حميمة في بعض الأحيان.
نتيجة لتوسع الاتحاد السوفياتي بالقرب من حدودها، أصبحت تركيا عضوا في حلف شمال الأطلسي عام 1952، وأقامت تحالفا وثيقا جدا مع الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات الثنائية توترات متفرقة، مثل فرض الولايات المتحدة حظرا على الأسلحة لعدة سنوات ردا على التدخل العسكري التركي في قبرص عام 1974، لكن العلاقات لم تكن أبدا بالبرود والاضطراب اللذين كانت عليهما في العقد الأخير.
تكشف نظرة تاريخية عامة على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة عن فترة تتسم بالمشاكل. ويمكن القول إن التدهور بدأ خلال أزمة الخليج عندما صوت البرلمان التركي عام 2003 ضد طلب أميركا بنشر قوات في تركيا وفتح جبهة شمالية في العراق.
أما أهم نقطة تحول في العلاقات فكانت محاولة الانقلاب في تركيا يوم 15 يوليو/تموز 2016. عندما تجاهلت الولايات المتحدة طلب تركيا بتسليم فتح الله غولن، زعيم منظمة غولن التي تعتبرها انقرة إرهابية والذي كان وراء الانقلاب، وهو يعيش في قصره في ولاية بنسلفانيا منذ عام 1999.
كما أدى توسيع العلاقات التركية مع روسيا وحصولها على منظومة الدفاع الصاروخية "إس-400" في عام 2019، إلى استبعاد الولايات المتحدة لها من برنامج طائرة "إف-35".