العالم اليوم عبارة عن فوضى جيوسياسية ساخنة. أحد مصادر هذه الفوضى هو الافتقار إلى الإجماع بين العلماء وواضعي السياسات حول التوزيع العالمي للسلطة. فهل لا نزال نعيش في عالم من الهيمنة الأميركية؟ هل هو عالم ثنائي القطب أم متعدد الأقطاب؟ أم أن الدول لم تعد الجهات الفاعلة الرئيسة في العالم، وهل نعيش بدلاً من ذلك في عصر "القطبية التكنولوجية"، حيث أصبحت الشركات العملاقة مثل "أمازون"، و"أبل"، و"غوغل"، و"ميتا"، ناهيك عن الملياردير إيلون ماسك، القوى العظمى الجديدة؟
النشاز الأكاديمي مزعج. ليس عدم اليقين في شأن توزيع السلطة مجرد مسألة نقاش؛ عندما تختلف الجهات الفاعلة حول توزيع السلطة، يمكن أن تبدأ الحروب.
يقدم كتابان نُشِرا العام الماضي وجهات نظر متباينة حول هذه الأسئلة. في كتابهما "الإمبراطورية السرية: كيف حوّلت أميركا الاقتصاد العالمي إلى سلاح؟"، يفترض هنري فاريل وأبراهام نيومان أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بقدر كبير من السلطة الهيكلية في النظام العالمي. مع ذلك، تجادل أنو برادفورد في كتابها "الإمبراطوريات الرقمية: المعركة العالمية لتنظيم التكنولوجيا" بأن القوة العظمى المفاجئة ليست الولايات المتحدة ولا الصين، بل الاتحاد الأوروبي.
"الإمبراطورية السرية"
يدرس كلا الكتابين ممارسة السلطة والحوكمة في المجال الرقمي. تساعد تقييماتهما المتناقضة في تفسير سبب صعوبة الاتفاق حول الوضع الحالي للعالم حتى في صفوف أكثر مراقبي الشؤون العالمية اطلاعاً – ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا.