الشمس متنفس المواطنين في دول "محور الممانعة" الإيراني

بدأت أولى خطوات انتشار الطاقة الشمسية في اليمن، بعد سيطرة الحوثيين، وتراجع الأوضاع الاقتصادية، وانهيار منظومة الكهرباء، وأصبح نصف السكان يعتمدون على الطاقة البديلة، بحسب مؤسسة "برسنت" لبحوث الرأي.

ويرى الخبير اليمني في الطاقة الشمسية، محمد الحسيني، أن "سوق الطاقة الشمسية في اليمن مجزأة نصفين، الأول في شمال البلاد الذي يسيطر عليه الحوثيون، فكهرباء الدولة منعدمة تماما، مما أجبر الأهالي على شراء منظومات الطاقة الشمسية بالاعتماد على مدخراتهم، او بيعهم لممتلكاتهم من الذهب والأراضي"، مبينا أن النصف الثاني هو جنوب البلاد، حيث كهرباء الدولة متوفرة بنظام قطع مبرمج، ويعتمد بعض الأهالي على البطاريات من دون شراء الألواح".

ألواح بلا بطاريات

وأخبر "المجلة"، أن سوق الطاقة الشمسية في مناطق الحوثيين تشهد ركودا، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إذ بدأ بعض الأهالي يستغنون عنها، بسبب عدم قدرتهم على توفير اموال استبدال البطارية التي تكلف 200 دولار او 300 دولار، فلجأوا الى المولدات الخاصة، مشيرا الى أن تكلفة الكيلو واط في المولد الخاص تبلغ 50 سنتا، بينما تكلفة الطاقة الشمسية 10 سنتات. ومعظم اليمنيين، نصبوا منظومة شمسية بسيطة جدا، نتيجة محدودية القدرة المالية، لتشغيل انارة المنزل والأجهزة الأخرى مثل التلفاز والمراوح الهوائية وغيرها. 

ولفت الحسيني، الى أن "الطاقة الشمسية مكلفة جدا على اليمني، فقد يصل سعرها عند نصبها اول مرة، الى 900 دولار وأكثر"، موضحا ان أصحاب المتاجر والمصانع يعتمدون على نظام شمسي يسمى "on grid"، وهو استخدام الالواح الشمسية الى جانب عاكس من الطاقة الشمسية الى الكهربائية، بدون استخدام بطاريات، وانما تستخدم معه كهرباء الدولة او المولد الخاص، والهدف منه تقليل استهلاك الكهرباء التجارية بنسبة 70 في المئة او الوقود.

ودعمت السعودية والكويت والبنك الدولي وعدد من المؤسسات الإنسانية، مشاريع نصب أنظمة شمسية للمزارعين لتشغيل منظومات الري، لمساعدتهم في توفير الأمن الغذائي لليمن، واستمرار المزارعين في مناطقهم بدلا من الهجرة إلى مراكز المدن.

وأضاف أن المنظمات الإنسانية والبنك الدولي نفذا عدداً كبيراً من مشاريع الطاقة الشمسية في المستشفيات والمدارس والدوائر الحكومية، من أجل الاستمرار في تقديم الخدمات إلى الناس، موضحا أن اليمن يعاني مشكلات كبيرة في منظومات الطاقة الشمسية، تتمثل في انتشار المواد الرديئة جدا في الأسواق، مثل الألواح والعاكس والبطاريات، ولكن في السنوات الأخيرة دخلت بعض الشركات الجيدة إلى السوق.  

وأكد أن القرى والارياف تعتمد بنسبة 75 في المئة على الطاقة الشمسية، بسبب غياب الكهرباء الحكومية وعدم وجود مولدات تجارية، نتيجة بعد المسافة بين منزل وآخر.

لبنان الأكثر انتشارا

يعاني لبنان أزمة كبيرة بعد رفض المصارف إعادة أموال المودعين، وتفجير مرفأ بيروت، واستمرار الصراعات السياسية، والحرب في الجنوب، وشح الفيول، مما جعل الكهرباء تزداد سوءا، لان الحكومة غير قادرة على تحمل تكاليف استيراد الوقود، وعند النظر إلى مدن لبنان من الأعلى، تراها عبارة عن الواح شمسية تنتشر فوق معظم المباني، نتيجة لجوء معظم الناس إلى الطاقة الشمسية، لعبور المرحلة، اذ تصل كهرباء الدولة إلى 8 ساعات يوميا وفقا لمواطنين.  

وأشار الى أن المشكلة الكبرى التي تواجه تمدد الطاقة الشمسية في بيروت، هي بسبب البناء العمودي، اذ تمتلك العمارة سطحا محدود المساحة، ويشغلها عدد كبير من الناس، وقررت بلدية بيروت عدم ترخيص نصب ألواح طاقة شمسية في العمارات السكنية الا بعد اخذ موافقة جميع أصحاب الشقق من اجل التوزيع العادل للمساحة. ويقول المختص في الطاقة الشمسية، المهندس محمد المقداد، لـ"المجلة"، إن الطاقة الشمسية، انتشرت على نحو كبيرا جدا، وأصبحت تغطي 40٪ من لبنان.

واكد المقداد، أن بيروت لا تزال تستخدم اشتراك المولد الى جانب الطاقة الشمسية وكهرباء الدولة، بسبب عدم قدرة الأهالي على تحمل شراء بطاريات متطورة (الليثيوم) لتخزين الكهرباء واستخدامها بعد غروب الشمس، خصوصا ان الشمس لا تظهر في بعض الأيام في فصل الشتاء، موضحا أن المواطن اللبناني يدفع حاليا ما لا يقل 100 دولار شهريا من اجل اشتراك بمولد كهرباء خاص للحصول على 5 أمبير لمدة لا تزيد على 14 ساعة في اليوم.

وفيما لا تتجاوز التغذية بكهرباء الدولة 6 ساعات يوميا في أفضل الاحوال، قال ان المناطق الزراعية تعتمد على المنظومة الشمسية، مستفيدة من دعم الدول الأوروبية، علما أن تكلفة منظومة شمسية متكاملة مع قدرة تخزين على مدار الساعة ما لا يقل عن 5 آلاف دولار، مبينا ان سوق لبنان تعد الأكثر تنظيما في المنطقة بسبب وجود شركات عدّة توفر خدمات الضمان والصيانة.

وكشف المقداد عن وجود مشكلة في بطاريات الليثيوم المنتشرة في لبنان، لأنها معاد تصنيعها وليست جديدة، وتباع في السوق على أنها جديدة، مبينا ان سوريا تعتمد بشكل جزئي على السوق اللبنانية في تجهيز الطاقة الشمسية بسبب العقوبات عليها، لكن القدرة الشرائية للبنان تبقى أفضل بسبب تحويلات اللبنانيين في الخارج لأهاليهم.

العراق: بلد النفط بلا كهرباء!

 العراق، وهو البلد الذي يحتل المرتبة الثانية في تصدير النفط في منظمة "أوبك"، لا يزال يعاني أزمة مزمنة في الكهرباء، إذ تصل ساعات الانقطاع أكثر من 12 ساعة يوميا في فصل الصيف، مع إنفاق البلد أكثر من 82 مليار دولار، وفقا للجنة الطاقة النيابية، خلال الـ20 عاما الماضية في تطوير البنى التحتية لقطاع الكهرباء، لكن الفساد المالي والإداري، وقف عائقا، فلم تبلغ طاقته الإنتاجية الا 24 الف ميغاواط، بينما هو يحتاج الى 40 الف ميغاواط.

كما ان العراق يعتمد على الغاز الإيراني لتشغيل المحطات الكهربائية، وتلجأ طهران، عند اشتداد الحرارة ووصولها إلى أكثر من 50 درجة مئوية من كل سنة، الى إيقاف تصدير الغاز، من اجل المطالبة بأموالها البالغة 11 مليار دولار والمجمدة من قبل الولايات المتحدة الاميركية في المصرف العراقي للتجارة. 

ويختلف انتشار الطاقة الشمسية في العراق عن باقي الدول، حيث تتركز حاليا في المناطق الزراعية، وتستخدم في تشغيل المضخات لسحب المياه الجوفية من الآبار، لغرض سقي الأراضي، بسبب الجفاف الذي يضرب البلاد، بعد قطع إيران المياه كلّياً، وتقليل تركيا حصة العراق من نهري دجلة والفرات. وبالمقارنة بين تكاليف أسعار الطاقة الشمسية في هذه البلدان، فإن العراق يعد الأرخص، بسبب الاعفاء الجمركي لمنظومات الطاقة الشمسية.

وصرح المختص بالطاقة الشمسية، كريم علي، في العراق، لـ"المجلة"، إن التطور التكنولوجي في السنتين الأخيرتين، ساهم في خفض أسعار الألواح الشمسية، فمثلا كانت تكلفة الواط ما يقارب 40 سنتا في العام 2017، بينما تبلغ اليوم 12 سنتا، مشيرا إلى أن انتشار الطاقة الشمسية في العراق لا يزال محدودا نتيجة تعدي المواطنين على شبكة الكهرباء الحكومية، من خلال عدم وجود عدادات في المنازل والمصانع، حيث ان بعض المواطنين لم يدفع أي أموال للدولة منذ 20 عاما، بسبب ضعف أجهزتها.

وتابع أن الحكومة تدعم الكهرباء العامة بنسبة 70 في المئة، موضحا أن الدولة تمتلك مولدات في بعض الاحياء السكنية، إلى جانب المولدات الخاصة، وتدعم أسعار الوقود، إذ يصل في ذروة الصيف سعر ليتر الديزل 70 سنتا، بينما الدولة تبيعه لهم بـ19 سنتا، موضحا أن معظم العراقيين غير قادرين على شراء منظومة الطاقة الشمسية، لأنهم بذلك في حاجة إلى إنفاق 60 في المئةمن دخلهم السنوي.

وبين أن الطاقة الشمسية تنتشر في القرى وجزء بسيط من الاحياء السكنية، اذ الأشخاص الذين يمتلكون المال، يحاولون التخلي عن المولدات الخاصة، لأنهم يدفعون 10 دولارات مقابل كل أمبير، خلال فترة فصلي الربيع والخريف، اللذين تستقر فيهما كهرباء الدولة بسبب تراجع الطلب، نتيجة إطفاء أجهزة التبريد والتكييف.

سوريا : الحرمان الأكبر بين دول الممانعة

في سوريا، الأمور مختلفة تماما، فانهيار الاقتصاد يقف عائقا أمام انتشار الطاقة الشمسية، مع انقطاع كبير للتيار الكهربائي بسبب العجز الذي يبلغ 65 في المئة عن تغطية الطلب على الكهرباء البالغ 6700 ميغاواط، في حين أن الإنتاج اليوم لا يتعدى 2300 ميغاواط.

وقال نائل محمد، وهو اختصاصي في تركيب الطاقة الشمسية، لـ"المجلة"، إن كهرباء الدولة تغذي المنازل يوميا بـ 4 ساعات تغذية فقط، لذلك هناك بدائل بدأت تظهر، منها الطاقة الشمسية. ولكن لفت الى  أن غالبية السوريين غير قادرين على شرائها، لارتفاع التكلفة، وهي حكر تقريبا على الطبقة الغنية حاليا، موضحا أن انهيار العملة السورية، جعل خيار الطاقة الشمسية مكلف جدا، مع محاولات صناعة البطاريات داخل سوريا، لكنه خيار فاشل وغير مضمون.

لربما يساهم المواطنون، الذين يستخدمون الطاقة الشمسية، في تخفيف الاحتباس الحراري، الذي يضرب هذه الدول، خصوصا أن العراق يشهد تصحرا لإراضيه بنسبة 90 في المئة، مع تلوث الهواء بسبب انتشار السيارات والمولدات في الاحياء السكنية، كما ان ايران تحاول منع تطور الكهرباء في العراق، لأنها اكبر مورد للعراق من الغاز والكهرباء.