كتب بيكاسو الشعر، كما العديد من الفنّانين التشكيليّين. أشاعرٌ هُوَ، سألني العديد من المثقفين، وعلامات التعجّب في نبراتهم؟ نعم! شاعر وغزير في مرحلة من مراحله. السؤال الثاني هل كتبَ شعرا جيّدا مقارنة بأعماله التشكيليّة التي جعلته من كبار الرسّامين في القرن العشرين. يعني أن شِعره يُضاهي فنّه، أَمْ أنّه نصوص صاغها في أوقات الفراغ؟
سنحاول مقاربة بيكاسو شاعرا، خصوصا أن قصائده صدرت في طبعة جديدة عن دار "غاليمار" الشهيرة والمميّزة بالفرنسيّة.
أزمة
عام 1939، وكان بيكاسو في الرابعة والخمسين، بدأ في الكتابة، وكان آنئذٍ يمر بأزمة تشوّش في توجّه نشاطه الفنّي، ويواجه مصاعب شخصيّة. وفي هذه المرحلة غادر الجوّ البورجوازي الذي كان يتشاطره مع زوجته أولغا، وافترقا لبدء حياة جديدة.
كان عندها مقلّا في الرسم، ولم ينفّذ أعمالا تشكيليّة مهمّة. كما نقل بعض أصدقائه عنه نيّته ترك كلّ شيء، الرسم والنحت والشعر ليكرّس وقته للغناء. ولكن يا للغرابة تجتاحه الكتابة فجأة، ومن دون نظريّة ولا سرديّة ولا كتابة ذاتيّة بل شعريّة. هذا النشاط الضخم تابعه حتى 1959، تاريخ آخر ما خطَّه حتى اليوم.