يعدّ المكان واحدا من أهم مكونات الوجدان الإنساني، فلا يمكن تخيل أي حدث في العالم، دون مكان يحتويه. فالمكان هو مسرح الحركة وموئل الذاكرة، ومن دونه يصعب أن تكتمل الصورة. ومن هنا دأبت البشرية على مرّ العصور على حفظ الأماكن الأثرية، لأنها تختزن الإرث الإنساني، وتروي ما لا ترويه الكتب والحكايات عن تجربة الماضي ومرور أهله فيه.
خلال الحرب الإسرائيلية الضارية على غزة، أقدم الاحتلال على هدم ما يقارب ثمانين في المئة من مباني القطاع، منها ما دمّر كليّا ومنها ما هدم جزئيا.
تحتوي غزة، هذه المدينة العربية الأصيلة، على العديد من الأماكن الأثرية، منها ما يحمل قداسة دينية، أو ثقافية أو تاريخية، والكثير من هذه الأماكن، هدم بصورة تدعو إلى الحسرة والحزن، خلال هذه الحرب المتوحشة ضد كل ثابت ومتحرك في غزة.
تعلق روحاني
خلال هذه الحرب، لوحظ أن معظم الطرق الرئيسة داخل مدينة غزة وشمالها قد أزيل، حتى أصبح الطريق إلى غزة خاليا من المعالم، فاقدا للجمالية والروح، كأنه وجه دون ملامحه. أما المباني فحدّث ولا حرج، إذ لم ينج شارع من التشويه المتعمد بل إن هناك مربعات سكنية دخلها أهلها بعد انسحاب قوات الاحتلال، فعجزوا عن تحديد أماكن بيوتهم فيها. فبات المعلم الأثري الأوضح في غزة الآن، هو ركام المباني على جانبي الطرق.