وتستعد 350 شركة أوروبية لنقل مقارها الإقليمية إلى المملكة، من بينها مجموعات أوروبية كبيرة، وفقا للسفير لويجي دي مايو، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في منطقة الخليج، وذلك استجابة لخطة وضعتها الرياض بهدف توفير أكثر من 30 ألف فرصة عمل، في وقت بلغ عدد الشركات الأوروبية التي تستثمر في السعودية 1300 شركة. وبعد افتتاح مكتب لصندوق النقد الدولي في الرياض، يجرى افتتاح غرفة تجارية أوروبية لتكون الأولى في الخليج، لتساعد الشركات الأوروبية في تثبيت وجودها في المملكة وتسهيل إجراء الأعمال التجارية وربطها بالأسواق الأوروبية.
2025 سنة تعد بمزيد من النمو
ويبدو أن الاقتصاد السعودي في طريقه إلى مزيد من الازدهار، لا سيما في السنة المقبلة، 2025، مع توقعات أصدرها صندوق النقد والبنك الدوليان. فعلى الرغم من تعديل طفيف للنظرة إلى النمو في السنة الجارية من 2,7 في المئة إلى 2,6 في المئة تبعا للخفض الطوعي في إنتاج النفط من قبل "أوبك بلس"، توقعت المؤسستان أن يصل النمو الاقتصادي في المملكة إلى نحو 6 في المئة عام 2025.
بالمقارنة، خفض صندوق النقد توقعه لنمو اقتصادات منطقة الخليج بشكل عام 1,3 نقطة مئوية إلى 2,4 في المئة في 2024، نتيجة الخفوضات الطوعية لإنتاج النفط والتحديات التي تواجهها المنطقة، لكنه توقع أن يتسارع النمو إلى 4,9 في المئة في 2025 مع تحسن إنتاج الهيدروكربون. وقدر الصندوق في تقريره حول الآفاق الاقتصادية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، أن يستقر النمو في منطقة الخليج على المدى المتوسط عند 3,5 في المئة تقريبا، وهي نسبة موازية لنمو الاقتصاد غير النفطي المرتقب للمنطقة، 3,6 في المئة، والذي يرتقب ارتفاعه إلى 4,5 في المئة في 2025.
وهذا أمر لحظه تقرير إيجابي للصندوق عن المملكة صدر في سبتمبر/أيلول 2023، عقب اختتام مناقشات مشاورات المادة الرابعة. فقد أكد أن الاقتصاد السعودي يشهد حالة ازدهار ونمو، وأن وضعية المملكة المالية تتسم بالقوة.
وتتوافق تحليلات "برايس ووتر هاوس كوبرز" التي تلت صدور هذا التقرير، مع توقعات المؤسستين الدوليتين. فوفقا لشركة التدقيق والاستشارات العالمية، أدت تغيرات إنتاج النفط، وتقلب أسعاره، وزيادة الإنفاق في 2023 إلى توقعات مالية لا شك مختلفة، مقارنة بعام 2022. إلا أن تأثير تلك التقلبات على الوضع المالي للمملكة محدود، إذ قابلها رفع وكالات التصنيف الائتماني العالمية درجة التصنيف السيادي للمملكة في العام نفسه، وزخم قوي للإصلاحات ولنمو العائدات غير النفطية مدفوعة بزيادة الاستهلاك وعائدات قطاعات الخدمات من ضمنها الإنفاق السياحي واستثمارات القطاع الخاص.
الذكاء الاصطناعي كصناعة سعودية
قبل أن يعصف الذكاء الاصطناعي التوليدي بالعالم، كانت المملكة أقرت في أكتوبر/تشرين الأول 2020، استراتيجيتها الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، من بين أهدافها جذب استثمارات محلية وأجنبية بقيمة 20 مليار دولار في حلول عام 2030. كذلك، تعهدت المملكة باستثمار حكومي قيمته 20 مليار دولار لاحتضان 300 شركة ناشئة في حلول السنة نفسها.
للمزيد إقرأ: السعودية تدخل السباق العالمي لاستثمارات الذكاء الاصطناعي
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في آخر مارس/آذار، عن محادثات جرت لإنشاء صندوق قيمته 40 مليار دولار للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، بشراكة محتملة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي بلغ حجم أصوله أخيرا 940 مليار دولار، و"أندريسن هورويتز"، إحدى كبرى شركات الاستثمار في "وادي السيليكون"، وممولين آخرين، وبالتعاون مع مصارف في "وول ستريت".
وكان تقرير صندوق النقد في العام المنصرم قد أشار إلى الدور المحوري لـ"رؤية السعودية 2030" في احتلال المملكة مرتبة عالية في عدد من تصنيفات الرقمنة العالمية كالبنية التحتية الرقمية ونضج التحول الحكومي الرقمي، الذي أثبت فاعلية أكبر نتيجة لذلك، كما كان له تأثير واسع على تحسين الشمول المالي، ومرونة القطاع المالي.
وفي إشارة إلى دأب المملكة على إحداث نقلة نوعية على صعيد الذكاء الاصطناعي، وتحقيق تحول أوسع نحو الرقمنة والاقتصاد الرقمي المزدهر، توقعت "برايس ووترهاوس كوبرز" أن يساهم الذكاء الاصطناعي في نحو 2,4 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وبما قيمته 135 مليار دولار في الاقتصاد الوطني، في حلول عام 2030.
هذا عدا توجه السعودية في السنوات الأخيرة الى تنمية قطاعات واعدة بدأت تشهد ازدهارا غير مسبوق، حديثها يطول، مثل الثقافة والفنون والترفيه والرياضات التقليدية والالكترونية، ناهيك عن الفوز بتنظيم "إكسبو 2030" في الرياض، وهذه كلها ينتظر أن تساهم بشكل أكبر في تحفيز النشاط الاقتصادي وتنويع الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة، وجذب الاستثمارات الأجنبية.