أظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحافي عقده في الصين عام 2017، بشكل صارخ تصميم النظام الكوري الشمالي على الحفاظ على برنامجه النووي رغم المعارضة والعقوبات العالمية. وأشار إلى أن الكوريين الشماليين "سيأكلون العشب" قبل أن يتخلوا عن طموحاتهم النووية. وأوضح بوتين أن إرادة النظام الكوري الشمالي في أن يتحمل شعبه المعاناة تفوق الضغوط التي يمكن أن يمارسها الغرباء، بما فيها العقوبات الاقتصادية.
ورغم أن عبارة "يأكلون العشب" التي تلفظ بها بوتين قد حظيت بتغطية إعلامية واسعة النطاق في ذلك الوقت، إلا أن أسباب هذا التعليق وتأثيراته المحتملة على فعالية العقوبات عموما لم تحظ إلا بقليل من الاهتمام.
لقد سبق لسياسي كبير آخر، وهو ذو الفقار علي بوتو، وزير خارجية باكستان الأسبق أن استخدم هذه العبارة، عندما قال لصحيفة "مانشستر غارديان" عام 1965: "إذا صنعت الهند قنبلة ذرية، فسوف ننتج نحن أيضا قنبلة ذرية، حتى لو كان علينا أن نأكل العشب وأوراق الشجر أو اضطررنا إلى أن نعاني من المجاعة، لأنه لن يكون لنا عندها أي بديل آخر". وفي عام 1998، فجرت باكستان أول سلاح نووي لها.
لم يُشر بوتو صراحة إلى العقوبات، إنما إلى تصميم بلاده على التغلب على أي عقبة تحول بينها وبين تحقيق هدفها الوجودي. غير أن هذا الشعور على صلة بتأثير العقوبات، سواء كان في الماضي أم في الحاضر، الذي تظهر فيه العقوبات الآن في كل مكان في الأخبار. ويدور الحديث عن زيادة العقوبات على إيران بسبب هجومها الأخير على إسرائيل. وفي المقابل، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات، ليس على الحكومة الإسرائيلية التي تشن حملة عسكرية متواصلة في غزة أدت إلى مقتل آلاف المدنيين، وإنما على عدد من المستوطنين الإسرائيليين البارزين بسبب ما يمارسونه من عنف على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
ومعروف بالطبع أن عقوبات واسعة النطاق فُرضت على روسيا عقب غزوها لأوكرانيا عام 2022.