رشحت رواية "الفسيفسائي" للروائي والقاص المغربي عيسى ناصري ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر). عن هذا يقول لـ"المجلة": "عند اطلاع المحرّرين على المخطوطة الأولى، أبدوا توقّعهم أن تظهر الرواية في إحدى قائمتي البوكر أو في كلتيهما. أنا أيضا توقّعتُ معهم أن تتقدّم الرواية في الجائزة، لأني كنت دائما ما أقرأ الأعمال التي ترشحها الجائزة، وأعرف مستواها".
تعد "الفسيفسائي" الرواية الأولى لناصري بعدما أصدر مجموعته القصصية الأولى "مسخ ذوات الناب" التي فاز فيها بجائزة أحمد بوزفور للقصاصين الشباب في العالم العربي دورة 2014، ومن ثم حصل على جائزة اتحاد كتّاب المغرب للشباب عام 2017، في مجال القصة، عن مجموعته القصصية "عمى الأطياف". هنا حوار معه.
- بعد أن يكمل الفسيفسائيُ في روايتك جمْعَ قطع الفسيفساء، تستيقظ في ذهن القارئ أسئلة تتمحور حول الهوية والفنّ والحرية والحب وغير ذلك، كيف قاربْتَ هذه الأسئلة في روايتك؟
حضَر سؤال الهوية في الرواية، في الجزء المتعلِّق بالآثار الرومانية. ومن أسئلة الهوّية التي تستوقف أي قارئ للفسيفسائي: هل أطلال "وَليلي" الأثرية تحمل شيئا من أمجاد الرومان الآفلة، أم أنها توثِّق لذاكرة الموريين الجريحة وهويتهم التي تمزّقت بسبب الاحتلال؟ ماذا تبقّى من هوية الموريين وثقافتهم في تلك المدينة الأثرية وفي مواقع أثرية مجاورة، كليكسوس وشالة؟ وفي خصوص الفنّ، حاولت تعميق أسئلته. تناولتُ الفن باعتباره موضوعا للفن، جعلت الفنون تتعالق لتكريس سؤال الحدود بينها، ومدى تقاطعها مع فنّ الكتابة نفسه، وتماهيها مع فنّ الفسيفساء الذي كان محور الرواية، موضوعا وبناء. حاولت تقليب تربة أسئلة الفن، ومنها سؤال علاقته بالحرية، من قبيل: إلى أي حدّ نجح فن الفسيفساء في تمرير أحلام الموريين بالحرية. من أين تنهض الحرية، من الذاكرة، من الإرادة، أم منهما معا؟ وهل تحرّرَ الموريون بانتهاء الوجود الروماني في المغرب أم أنهم بقوا زمنا أسرى لذكرى القمع والاجتياح؟ إلى جانب الوجه السياسي للحرية، أليس هناك، في الرواية، وجهٌ فنّيّ لهذه الحرية؟ أليس انتزاع مخطوطة جواد وإخصاء صانع الفسيفساء قمعا فنّيّا؟ وفي خصوص الحبّ يمكن لقارئ "الفسيفسائي" أن يتساءل أليس "الحبّ الروائي" تعبيرا عن غيابه بوصفه قيمة واقعية تلاشت تدريجيا بفعل الضغوط القاسية للحياة المعاصرة؟ أليس هناك لدينا في العالم العربي فقر عاطفي، فتتولّى الرواية ترجمته بهذه التفاصيل المُربِكة للمشاعر.