غني عن التعريف أن المملكة المتحدة مركز مالي دولي ومحوري في العالم، وأحد أكبر مصادر التمويل. إنها بوابة عالمية لشركات الخدمات المالية والمصرفية والتجارية والمهنية، وهي توفر مركزاً مالياً مفتوحاً يتميز بقوانين صارمة وبشبكات دولية لا مثيل لها، وبوفرة كبيرة لرؤوس الأموال السائلة، وبحضور دائم للمستثمرين الدوليين.
تشغل المملكة المتحدة المرتبة الأولى في الابتكار على مستوى الخدمات المالية والمصرفية والمهنية، من خلال نظام معرفي واسع يضم أكثر من 40 جمعية علمية رئيسية، و70 مؤسسة للتعليم العالي، و130 معهدًا بحثيًا. من هنا تستطيع الشركات ورواد الأعمال الوصول إلى منظومة فريدة من نوعها. تجمع بين الدعم القوي للسياسات والحوكمة والتمويل المستدام والتكنولوجيا والوصول إلى الأسواق العالمية والكفاءات.
يوظف قطاعا الخدمات المالية والمهنية معا نحو 2,3 مليون شخص في كل أنحاء المملكة المتحدة، ويوجد ثلثا هذه الوظائف خارج لندن. ويعمل في "حي المال" وحده اليوم 615 ألف شخص، ويشكل المقيمين فيه نحو 2 في المئة من سكان المملكة المتحدة، ويساهم في 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
في القصر التاريخي الجميل في حي المال والأعمال في لندن، قبالة بنك إنكلترا، حاورت "المجلة" اللورد العمدة لـ "حي المال" مايكل ماينلي، وهو الشخصية الرئيسة التي تلعب دور السفير الدولي للمملكة المتحدة في قطاع الخدمات المالية والمهنية، ويرأس "مؤسسة مدينة لندن"، الهيئة الإدارية المشرفة على "The City" في الميل المربع الشهير في العاصمة البريطانية.
لا يتقدم أحد على الملك داخل حدود المدينة، لكن يستضيف اللورد العمدة خلال فترة ولايته رؤساء دول وحكومات وزوارا أجانب آخرين رفيعي المستوى نيابة عن الملك تشارلز الثالث وحكومة صاحب الجلالة.
خلال ولايته، يتطلع ماينيلي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي خصوصا، وإيجاد فرص أعمال جديدة، وهو إذ يؤمن بأهمية بناء الشراكات للنجاح، سيعمل على الترويج لمبادرته المتمثلة في "التواصل من أجل الازدهار" (Connect to Prosper) التي ستجمع رواد الفكر في المجالات العلمية والأكاديمية والتجارية في مسعى لمساهمة مدينة لندن في إيجاد حلول للتحديات العالمية.
رسائل من لندن الى الخليج
تعتبر منطقة الخليج حيوية جدا بالنسبة للمملكة المتحدة، وهي تشكل رابع أكبر شريك تجاري للمملكة من بعد الولايات المتحدة والصين وسويسرا، بحجم تجارة إجمالي يبلغ 65 مليار جنيه إسترليني، منها 17,4 مليارا مع السعودية التي تصل استثماراتها في المملكة المتحدة إلى نحو 65 مليار جنيه إسترليني.
وتوفر دول مجلس التعاون الخليجي بوابة مهمة إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي منطقة تمثل أكثر من 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتحتوي على عدد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم. ويمثل التحول الرقمي السريع في دول الخليج فرصة عظيمة للقطاع التكنولوجي الرائد في المملكة المتحدة.
قبيل رحلته إلى الرياض، أشاد اللورد العمدة ماينلي، برؤية السعودية 2030 ووصفها بأنها "مذهلة وطموحة"، وهو سيشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي ويلتقي بعدد من الوزراء والمسؤولين والشخصيات ورجال الأعمال، وسلط الضوء على بعض القطاعات الرئيسة التي يمكن أن تستثمر فيها المملكة المتحدة.
هنا أبرز ما جاء في المقابلة مع "اللورد العمدة" مايكل ماينيلي:
• ما الجديد الذي يحتاج المستثمرون معرفته عن "حي المال" في 2024، ومناخ الاستثمار القائم حاليا في لندن، ولا سيما بعد "بريكست"؟
- لطالما تفوقت لندن في العلوم والتكنولوجيا والأسواق الجديدة. ربما يشعر المستثمرون بالقلق في شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، لكننا شهدنا نموا فعليا، على الرغم من خسارتنا بعض الوظائف في أعقاب "بريكست" عام 2016. في تلك السنة 2016، كان يعمل في حي المال في لندن 525 ألف شخص، وأصبح لدينا الآن 615 ألفا. ومع أن ذلك يشكل نحو 2 في المئة من سكان المملكة المتحدة، فإن مساهمتنا تبلغ 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
في عام 2016، كنا ندير ما يزيد قليلا على 12 في المئة من الأصول العالمية، وبعد ثماني سنوات، أصبحنا ندير نحو 15 في المئة، مع أن المملكة المتحدة لا تشكل سوى 1 في المئة من سكان العالم.
إذا كنت ترغب في ترتيب مجالات الخبرة، أرى أن القوة العاملة في لندن تنقسم ثلاثة أقسام متساوية تقريبا - يعمل الثلث في الشؤون المالية، وثلث آخر في العلوم والهندسة والتكنولوجيا، والثلث الأخير في الفنون والإعلام والثقافة والشحن على غير المتوقع. وتضعنا خبراتنا المتنوعة لجهة التخصصات، في طليعة معظم المجالات التي يبدي الناس اهتماما في الاستثمار فيها.
عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في المدينة، لا يعني ذلك أننا في حاجة إلى المال، بل نحن مركز كبير للتبادل على الصعيد العالمي. المستثمرون الكبار الذين يسعون إلى منبر دولي مناسب، يحضرون أموالهم إلى هنا. وبعد ذلك نقوم بتوزيعها في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية والولايات المتحدة والصين وأوستراليا/ آسيا.