يرجع الفضل إلى وليام شكسبير، صائغ الكلمات العظيم، في ابتكار هذا المصطلح عندما صور كوريولانوس، أحد أبطال مسرحياته، نفسه وهو يتجه إلى منفاه بـ"التنين المستوحد" الذي ينسحب إلى عرينه. كان الجنرال الروماني يركز على الوحدة الفيزيائية، "أن تكون وحيدا دون رفقة".
سوى أن المصطلح تطور ليكتسب دلالات عاطفية أعمق مع ظهور الشعراء الرومانسيين، حيث تحولت الوحدة معهم إلى حالة روحية. على سبيل المثل، وجد وليام ووردزوورث، الذي وصف نفسه بأنه "يتجول وحيدا كالسحابة"، العزاء في الطبيعة، حيث يمكن لمنظر النرجس البري أن يرفع الروح المعنوية ويقدم الرفقة المبهجة. ومع ابتداء القرن العشرين، صار مصطلح الوحدة أكثر التصاقا بحياة المدينة، ونرى ذلك في تعبير حنة أرندت عن حزنها لأن الوحدة باتت مشكلة شائعة وأصبحت الآن ظاهرة واسعة الانتشار بين السكان المتزايدين، بعدما كانت تقتصر في السابق على فئات اجتماعية محددة مثل كبار السن.
ولا تزال هذه المسألة تحتل مركز الصدارة اليوم، حيث باتت مصدر قلق صحي كبير، وصارت الوحدة توصف بأنها وباء يؤثر على الكبار والصغار على حد سواء. خلال جائحة كوفيد19، كرر نصف البريطانيين حديثهم عن شعورهم بالوحدة، ويواجه الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما تحديات أكبر. وثمة من يعزو ارتفاع الشعور بالوحدة إلى الهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمواعدة عبر الإنترنت، والعمل عن بعد، مما يساهم في الشعور بالانفصال. ولدينا اليوم ثلاثة كتب حديثة تتناول هذا الموضوع.
جميع البشر الوحيدين، سام كار
يروي عالم النفس سام كار، في كتابه "جميع البشر الوحيدين" (All the Lonely People)، الصادر عن منشورات "بيكادور"، قصصا عن أفراد يشعرون بالعزلة أو الهجران. تتراوح هذه القصص بين لاجئ أفغاني شاب يحاول الالتحاق بمدرسة في سومرست، وشخص مسن في دار للمسنين يشعر بالإهمال. ويربط كار هذه الروايات بعناية مع تجاربه الشخصية، ولا سيما رحلته كأب عازب.