على مدى العقد الماضي، استهدفت إسرائيل الأصول والأفراد الإيرانيين في سوريا من خلال مئات الغارات الجوية، وركزت ضرباتها بلا هوادة على مواقع "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني والميليشيات الوكيلة الفلسطينية والعراقية واللبنانية التابعة للنظام الديني في طهران والعاملة داخل الحدود السورية.
وكانت إسرائيل في ذلك تقوم بضربات استباقية كسبيل جديد وفعال وغير مكلف نسبيا للحد من التوسع العسكري لطهران في سوريا. وفي أعقاب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، وتورط "حزب الله" لاحقا في الحرب، نفذت إسرائيل استراتيجية مماثلة في لبنان لطرد "قوات الرضوان" التابعة للميليشيا من حدودها الشمالية.
وفي الآونة الأخيرة، وسعت إسرائيل عملياتها لتشمل العراق، مستهدفة قوات "الحشد الشعبي" المدعومة من إيران والتي دأبت على إطلاق المسيرات على إسرائيل منذ بدء الصراع في غزة، ويمكن أن تكون قد لعبت دورا أيضا في هجوم طهران غير المسبوق على إسرائيل يوم 13 أبريل/نيسان. وفي 20 أبريل، ذكرت تقارير أن إسرائيل ضربت قاعدة لـ"الحشد" في العراق، ما أدى إلى مقتل أحد قادتها.
وتشير التكتيكات العسكرية الإسرائيلية الحازمة والاستفزازية في سوريا، ومؤخرا في العراق ولبنان، إلى تحول أحادي الجانب في الاتفاقات غير الرسمية الطويلة الأمد مع خصومها المتحالفين مع إيران فيما يتعلق بقواعد المشاركة العسكرية المصممة للحد من التصعيد. وقد نجحت هذه الاستراتيجية إلى حد كبير في منع إنشاء قواعد صواريخ إيرانية متقدمة ومواقع لـ"حزب الله" في سوريا، وفي نهاية المطاف تخفيف التهديد المباشر لهجوم مفاجئ لـ"حزب الله" على طول الحدود اللبنانية. ومن المرجح أيضا أن يؤدي هذا النهج إلى تصعيد التكاليف التي يتحملها وكلاء إيران العراقيون.
وبعد الأول من أبريل، عندما قتلت إسرائيل جنرالا رفيع المستوى في "فيلق القدس" في منشأة تقول إيران إنها تابعة لبعثتها الدبلوماسية في دمشق، اختارت طهران بدورها أن تراجع استراتيجيتها تجاه إسرائيل. وكان التغيير الأكثر وضوحا في استراتيجيتها الجديدة هو استعدادها الجديد لمهاجمة إسرائيل مباشرة من الأراضي الإيرانية. وعلى الرغم من أن هجوما إيرانيا كان متوقعا قبل أيام، فإن إطلاق أكثر من 300 مسيرة وصاروخ باليستي من إيران كان بلا شك تحولا غير مسبوق عن حرب "المنطقة الرمادية" المستمرة منذ عقود والتي تتم من خلال وكلاء.