وحش "هيلا" (Gila) هي سحلية سامة تعيش في أميركا الشمالية ويبلغ طولها نحو 50 سنتيمترا وتتميز بجلد من الحراشف السوداء والبرتقالية. هذه الزاحفة الخاملة، التي تعيش تحت الأرض غالبا، وتأكل ثلاث مرات إلى أربع مرات في السنة فقط، هي مصدر إلهام غير متوقع لأحد أكثر العقاقير شهرة ونجاحا؛ جيل جديد من أدوية إنقاص الوزن أثار اهتماما شديدا للمرضى والمستثمرين. جيل أدوية أنتج لعلاج السكري في الأصل، لكن ثمة أدلة متزايدة على أن له فوائد أيضا في أمراض القلب والكلى والكبد وسواها.
اعتقد العلماء منذ أواخر ثمانينات القرن العشرين، أن ثمة هرمونا معويا يسمى "الببتيد" الشبيه بـ"الغلوكاغون 1" (جي إل بي - 1)، تفرزه الأمعاء بعد تناول الطعام، يمكن أن يساعد في علاج مرض السكري. يزيد "جي إل بي - 1" إنتاج الأنسولين (هرمون يخفض مستويات السكر في الدم) ويخفض إنتاج "الغلوكاغون" (هرمون يرفع مستويات السكر في الدم). لكن إنزيمات الجسم تفكك هرمون "جي إل بي - 1" بسرعة كبيرة، لذا يبقى في الجسم بضع دقائق فقط. لذلك، إذا استخدم بمثابة عقار، فسيواجه المرضى احتمال الحاجة إلى حقن "جي إل بي - 1" كل ساعة، وهو أمر غير مرغوب فيه.
في سنة 1990، اكتشف جون إنغ، الباحث في المركز الطبي لشؤون قدامى المحاربين في برونكس، أن هرمون "إكزندين – 4"، الذي يوجد في سم وحش هيلا، شبيه بهرمون "جي إل بي - 1" البشري. الأمر المهم للغاية أن الـ"إكزندين – 4" الذي يطلق بعد إحدى وجبات هذا الوحش النادرة، أكثر مقاومة للتفكّك الإنزيمي من "جي إل بي - 1"، إذ يبقى في جسمه ساعات.
وقد لزم ما يزيد على عشر سنوات قبل أن يعتمد "الإكزناتيد"، وهو نسخة مركبة من هرمون السحلية طورته "إيلي ليلي"، وهي شركة أميركية عملاقة لصناعة الأدوية، وشركة "أميلين فارماسوتيكالز"، للتكنولوجيا الحيوية، لعلاج مرض السكري في أميركا. وقد حفز هذا الاختراق شركات أخرى على تطوير أدوية تقوم على "جي إل بي - 1" أكثر فاعلية وأطول أمدا بمثابة خيار علاجي للسكري، بعيدا من حقن الأنسولين.