يخفي جزء كبير من الصراعات الجيوستراتيجية الحالية بين القوى العالمية، تنافسا غير معلن حول مصادر الطاقات المتجددة، والمعادن النادرة المطلوبة للصناعات الدقيقة، والتحكم في طرق الملاحة البحرية، لضمان تدفق التجارة العالمية وحماية ممراتها الرئيسة من القراصنة، باختلاف مواقعهم الجغرافية وأهدافهم السياسية والاقتصادية. تقع معظم هذه المصادر الطبيعية، والطرق البحرية في دول الجنوب، ومنها منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تكاد تنحصر حولها أهم الصراعات والنزاعات، لأسباب مختلفة، لأنها بكل بساطة منطقة غنية تتوسط بحار العالم، وتحوي جزءا مهما من الاحتياطيات العالمية لغالبية الموارد المطلوبة.
يعتبر المغرب من بين هذه الدول المعنية بالتنافس الدولي الجديد، كونه يقع في مدخل مضيق جبل طارق بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، أحد شرايين التجارة العالمية بين الغرب الأميركي والشرق الصيني، وهو على مرمى حجر من الأسواق الأوروبية المقابلة. عززت طرق الملاحة التجارية البديلة من باب المندب إلى رأس الرجاء الصالح موانئ المغرب، خصوصا ميناء طنجة المتوسط، وهو الميناء الرابع عالميا من حيث نجاعة التدبير وفقا لمؤشر أداء ميناء الحاويات العالمي 2022 (CPPI)، الذي طوره البنك الدولي و"ستاندارد أند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس"، ويتمتع بطاقة استيعابية تصل إلى تسعة ملايين حاوية سنويا.
طرق الصناعة ووفرة المعادن
هذا الموقع الجغرافي المميز بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، تحرص الرباط على أن يكون متوازنا ومفيدا للأطراف كافة، وفي خدمة الاقتصاد والتنمية العالميين. ويشهد المغرب تهافتا على تصنيع السيارات والبطاريات وقطع الغيار المتعلقة بصناعة العربات الكهربائية والهجينة. وهناك حديث عن محفظة استثمارية إجمالية قد تتجاوز 30 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، تشمل برامج توسع لمصنعين من فرنسا والولايات المتحدة والصين وألمانيا واليابان وإيطاليا وكوريا الجنوبية وحتى الهند، لإنتاج عربات أو أجزائها الكهربائية. وترتبط مشاريع سيارات المستقبل بأخرى تشمل قطارات المستقبل السريعة الصديقة للبيئة، في بلد يراهن على الانتقال الطاقي المنخفض الكربون، للعب دور مهم في قطاعات واعدة على المدى المتوسط.