ترتبط الطرق بالقسوة والشقاء. لا نقصد فحسب عناء الراجل الذي يعبر مسافاتها الطويلة، ولا محنة الدرّاجي الذي يتسلّل إلى منحدراتها ويتسلّق مرتفعاتها، وإنما نشير أساسا إلى شقاء مكسّري الصخور الذين تُشَقّ الطرق بفضل "أعمالهم الشاقة". فما أكثر الطرق التي بنيت بفضل سواعد أولئك السجناء الذين كانوا يرصّفونها والسلاسل تقيّد أرجلهم (أصل اللفظ الفرنسي الدال على الطريق route مشتق من اللغة اللاتينية ruptaا الآتية من الفعل rumpere الذي يعني: فصل وكسّر).
فتْح الطرق يحيل الى الفتوحات والغزوات والحروب. وهو المعنى الذي لا تزال اللغة الإنكليزية تحتفظ به في لفظ road الذي يحيل إلى الهجوم والغارة raid. وقبل أن تتخذ الكلمة الفرنسية routiers معنى مستخدمي الطرق و"سادتها" الذين لا يفتؤون يربطون بين القارات، والذين يمضون معظم أوقاتهم يسوقون شاحناتهم الضخمة في الطرق، يعيشون فيها ويعرفون حكاياتها وأسرارها، فإنها كانت تدل على الجنود غير النظاميين الذين كانوا "قطّاع طرق" متمرّدين.
بين طريقين
احتفظت الديانات بهذا المعنى السلبي لاستخدام الطرق. فالقرآن الكريم يميّز "طريق جهنم" عن الطريق المستقيم. كما تربط المسيحية الضلال بسلوك "الطريق الخطأ"، وارتكابَ الخطيئة pécher بـ"القيام بخطوة سيئة" (peccatum) (أو، كما يدلّ الأصل الإغريقي للكلمة: بالوقوع في الفخّ skandalon). غير أنّ الطريق قد يكون صراطا مستقيما فيغدو طريق خير ووئام. لكي يحلّ رؤساء الكنيسة البروتستانتية مشاكلهم فإنّهم يقيمون مجلسا جماعيا synode، أي أنّهم "يأخذون الطريق جماعة" (sun odo) اهتداء إلى "سواء السبيل".