كاد الشرق الأوسط يلامس خطر نشوب حرب كبيرة، ليلة 13-14 أبريل/نيسان بعد مهاجمة إيران لإسرائيل بشكل مباشر وللمرة الأولى عبر الطائرات المسيرة وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية.
سقطت الخطوط الحمراء واعتبر الجانب الإيراني أنه بلور معادلة ردع جديدة، وسبقه إلى ذلك الجانب الإسرائيلي الذي اعتقد أن استهداف قيادات "الحرس الثوري" في مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق قد سمح له باستعادة الردع الذي اهتز إثر هجوم السابع من أكتوبر. وأتى الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني محدودا ومقننا دون التمكن من تحسين قدرة الردع الإسرائيلية.
إزاء هذا الوضع المستحدث، لم تتبلور بعد معادلات حاسمة لأن الردع عند الجانبين أصبح في الواقع أضعف بعد المبارزات بالوكالة والمواجهة المباشرة عن بعد.
بالتالي يمكن أن يغلق الهجوم الإسرائيلي الغامض على أصفهان فاصل الاشتباك المباشر، وتركز إسرائيل على جبهة رفح في قطاع غزة وجبهتي لبنان وسوريا. لكن تبعا لتطورات الوضع سيسعى الطرف الإسرائيلي لاحقا لاستعادة الحد المقبول من الردع. ولا يستبعد اندلاع حريق إقليمي إذا خرجت "هندسة النزاع" عن سيطرة ضابط الإيقاع الأميركي.
من "حرب الظل" إلى "المواجهة المكشوفة"
انتقلت العلاقة "التاريخية والحميمة" بين إسرائيل وإيران في حقبة الشاه إلى علاقة تتراوح بين المهادنة في سياق المصالح المشتركة على حساب الأطراف العربية في المعادلة الإقليمية الاستراتيجية، والتجاذب الذي احتدم في موازاة تطوير إيران برنامجها النووي وسعيها لتجاوز "عقيدة بيغن" (التي تقضي بالاستفراد بالقوة النووية ومنع أي عدو محتمل من امتلاكها كما حصل ضد العراق في 1981). ومنذ 2007، بدأت "حرب الظل" الإسرائيلية بالتعاون مع واشنطن ضد برامج التسلح الإيرانية.
وفي المقابل استفادت إيران من الحرب ضد العراق في 2003 (التي خدمت استراتيجيا إيران وإسرائيل سويا) وأخذت تعزز أسس مشروعها الإمبراطوري تحت يافطة "محور المقاومة" والقضية الفلسطينية، وأتاح لها ذلك تطوير "الحرب بالوكالة ضد إسرائيل" عبر شبكة من الوكلاء "البروكسي" وأبرزهم "حزب الله" في لبنان، وحركة "أنصار الله" في اليمن، و"الحشد الشعبي" في العراق، و"الجهاد الإسلامي" في فلسطين، أو من خلال دعم حركة "حماس".
إبان العقد الأخير قامت إسرائيل بحملة جوية ضد وجود إيران وحلفائها في سوريا، وأطلقت عليها "المعركة بين الحربين" لكنها لم تكن فعالة لأن سوريا تحت رئاسة بشار الأسد، بقيت الممر الحيوي وواسطة العقد للمحور الإيراني.