في منطقة البلقان المتنوعة ديموغرافيا، يعيد التاريخ نفسه، كما حدث في الفيلم الشهير "يوم من أيام قندس الأرض"، إذ تعلق الشخصية الرئيسة في حلقة زمنية يتكرر فيها اليوم نفسه مرات ومرات. فانهيار يوغوسلافيا في التسعينات أحيى خلافات وعداوات تعود قرونا إلى الخلف، قائمة على اختلاف الهويات وعلى النزاعات المناطقية. وأدت الادعاءات التاريخية والادعاءات المضادة إلى سلسلة من الحروب في البلقان.
وكوسوفو نقطة اشتعال رئيسة في البلقان، فقد تمتعت على الدوام بقيمة رمزية عالية وشكلت مصدرا للتوتر بين القوميتين الصربية والألبانية. وفي كل عام، يحيي آلاف الصرب ذكرى معركة كوسوفو التي هزم فيها الأتراك العثمانيون جيش الصرب وحلفائهم عام 1389، فيتجمعون في موقع تذكاري خارج العاصمة بريشتينا على بعد بضعة كيلومترات من ساحة المعركة. وبقدر ما قد يبدو عليه الأمر من غرابة، فإن الصرب يحتفلون بذكرى ميلاد الأمة والقومية الصربية قبالة موقع شهد واحدة من أعنف الهزائم في تاريخهم.
وفي عام 1989، نزع الرئيس سلوبودان ميلوسوفيتش عن كوسوفو وضع الحكم الذاتي الخاص بها وفرض عليها حكما مباشرا من بلغراد، ما أدى إلى احتجاجات ومقاومة سلبية من الألبان. وقد تحدث صديق ألباني عن تلك الأيام التي توقف فيها الأطفال الألبان عن الذهاب إلى المدرسة وواصلوا دراستهم في منازلهم كبديل تعليمي مؤقت.
وبعد فترة وجيزة، تحول أهل كوسوفو، وأغلبهم من الألبان وانضم إليهم أيضا عناصر من مجموعات عرقية أخرى، إلى المقاومة المسلحة تحت راية "جيش تحرير كوسوفو" وحققوا النصر بفضل التدخل العسكري لـ"حلف شمال الأطلسي" الذي صد الجيش الصربي. وأعلنت كوسوفو استقلالها عام 2008 وقد اعترفت بها 117 دولة حتى اليوم.
وقد حظيت وثيقة كوسوفو التأسيسية، المعروفة بـ"خطة أهتيساري" التي استند إليها الدستور، بتأييد أغلبية المجتمع الدولي. ويمثل دستورها شكلا متطرفا تقريبا للحقوق والامتيازات التي تمتع بها جميع الأقليات التي تعيش في البلاد.