مضت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لواشنطن، على رأس وفد كبير، على نحو سلس عموما، دون مطبات أو إحراجات، وركزت على معظم القضايا التي أرادها الرجل موضوعا لزيارته: قضايا ذات طابع اقتصادي تتعلق بتفعيل الجوانب الأخرى غير الأمنية والسياسية في "اتفاق الإطار الاستراتيجي" بين واشنطن وبغداد. الأهم أن الزيارة "نجت" من العواقب المباشرة للقصف الإيراني لإسرائيل، إذ مرت تقريبا كل الصواريخ والمسيرات الإيرانية في السماء العراقية في طريقها نحو إسرائيل في الليلة نفسها التي حطت فيها طائرة السوداني في قاعدة أندروز العسكرية بولاية ميريلاند القريبة من العاصمة واشنطن.
لم يحتج السوداني أن يقطع زيارته ويعود إلى بغداد بسبب القصف، كما لم يهيمن القصف على أجواء الزيارة، إذ اكتفى الطرفان، العراقي والأميركي، بحديث عام عن ضرورة ضبط النفس وإنهاء حرب غزة وتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين وأهمية تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط. كما غاب على نحو لافت في هذه الزيارة النقاش الأصعب، والموضوع الخلافي في بغداد، عن تخفيض أو سحب القوات الأميركية في العراق وضرورة أن يحمي العراق هذه القوات من استهداف الفصائل المسلحة المنضوية في "محور المقاومة" بزعامة إيران.
حمل البيان المشترك العراقي- الأميركي الذي صدر بعد اجتماع بايدن والسوداني بصمة هذا التحول من التركيز الأمني إلى الاقتصادي، إذ لم تحظَ قضايا الأمن وارتباطها بالسياسة إلا بجملة واحدة عامة تقليدية في مطلعه عن اتفاق الرئيسين على "أهمية العمل معا ودعم الاستقرار في المنطقة وترصين واحترام سيادة العراق واستقراره وأمنه". لينتقل البيان مباشرة إلى تأكيد الزعيمين على أن اقتصادا عراقيا متنوعا وناهضا، مندمجا في المنطقة والنظام الاقتصادي العالمي هو الأساس لتحقيق استقرار دائم في المنطقة والرفاهية للشعب العراقي".