كثيرا ما سمعت هالة غوراني، الصحافية العربية الأميركية المشهورة عالميا، هذه الجملة على مدى عقود: "ولكنك لا تشبهين العرب". وبعدما قررت أن تتنحى عن برنامجها الخاص، "هالة غوراني الليلة"، الذي يعنى بالشؤون العالمية على قناة "سي إن إن" العالمية، عملت على تحويل قصة حياتها إلى مذكرات صريحة على نحو منعش ومشوق، وأعطتها كعنوان هذه العبارة المتكررة ذاتها: "ولكنك لا تشبهين العرب". أكثر ما لفتني في هذا الكتاب هو استفاضته في الحديث عن التمثيل العربي في المجال الدولي العام، ولا سيما تمثيل المرأة العربية وما تواجهه من حواجز كثيرة بسبب عرقها وجنسها.
الكتاب سلسلة من المقالات القصيرة التي تنسج فيها غوراني رحلتها الشخصية مع قصص من الشرق الأوسط ومع عالم الصحافة الدولية. وهو يلقي الضوء على الجبهات الثلاث تلك. ففي قلب الكتاب يحتل بحث غوراني عن الهوية والانتماء مركزا متقدما. ولدت غوراني لأسرة عربية سورية مقيمة في الولايات المتحدة، ونشأت في المقام الأول في فرنسا، ثم عملت على المستوى الدولي، بما في ذلك في المملكة المتحدة، حيث يشكل بحثها عن الوطن إحدى القوى الدافعة لها في حياتها.
بين هويتين
كثر هم العرب الذين يعيشون في بلدان خارج العالم العربي ويشعرون بالاندماج الكامل فيها، ولا يؤرقهم سؤال من هم أو من أين ينحدرون. وكثر أيضا من لا يعيشون هذه التجربة. تتحدث غوراني في الكتاب عن مدى انزعاجها من أقاربها في سوريا الذين دأبوا على مناداتها بـ"هالة الأميركية" كلما زارتهم وهي طفلة صغيرة. كانت تشعر في سوريا بأنها "آخر"، تماما كما كانت تشعر في الولايات المتحدة وفرنسا. على الرغم من أن غوراني لا تدعي الحديث باسم أحد غير نفسها، إلا أن بحثها عن وطن يتردّد فيه صدى ما يشعر به عرب الشتات بأنهم ليسوا من هنا ولا من هناك.