عززت الهجمات الإيرانية الأخيرة ضد إسرائيل المخاوف من نشوب حرب إقليمية يمكن أن تجتاح الشرق الأوسط. وكانت إيران قد شنت يوم السبت هجوما كبيرا بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل، واستولت على سفينة حاويات مرتبطة بإسرائيل في مضيق هرمز. وجاءت هذه الهجمات ردا على اغتيال إسرائيل لعدد من كبار قادة "الحرس الثوري" الإيراني في سوريا.
شمل الهجوم الإيراني على إسرائيل أكثر من 300 طائرة مسيرة وعددا من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية. من الواضح أن هذا أكثر قليلا من الصواريخ الباليستية الخمسة عشر التي أطلقتها إيران على قاعدة عين الأسد الجوية ومطار أربيل الدولي ردا على قتل الولايات المتحدة لقائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني 2020. وهذا الفرق يفصح عن عدة نقاط تستحق الدراسة.
أولا، لم يكن الانتقام لمقتل سليماني أكثر من مجرد رد اعتبار للشرف الإيراني. إن قتل شخصية مهمة وشعبية مثل سليماني بمثل تلك الوقاحة استوجب ردا إيرانيا من نوع ما، لكن طهران كانت حذرة لأنها تخشى تصعيدا لمواجهة مع الولايات المتحدة.
لم يكن أولئك الذين قتلوا في الهجوم الإسرائيلي على مجمع السفارة الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل/نيسان مشهورين أو أقوياء مثل سليماني، لكن الانتقام كان أكبر وأكثر تعقيدا. ويشير الاختلاف إلى أن هذا الرد كان مرتبطا بما هو أكثر من مجرد رد الاعتبار: لقد كان ينطوي على بعض عناصر الردع أيضا.
تدرك إيران جيدا مدى قدرة الدفاعات الجوية الإسرائيلية. ومن شبه المؤكد أن حجم الضربة كان مصمما كي تتمكن بعض الذخائر المهاجمة على الأقل من اختراق تلك الدفاعات والتسبب في درجة ما من الضرر. ومما لا شك فيه أن عدم قدرتها على القيام بذلك سبّب خيبة أمل لطهران، ولكن ربما ما زال بإمكان الإيرانيين تعزية أنفسهم بأن الهجوم كان مخيفا للشعب الإسرائيلي ومثيرا للقلق لحكومته. ربما تأمل إيران أن يكون الهجوم مزعجا بما يكفي لجعل القادة الإسرائيليين يتوقفون في المرة القادمة التي يفكرون فيها في تنفيذ عملية مثل ضرب السفارة.
ومع ذلك، في حين أن 300 أو أكثر من الذخائر الهجومية تبدو عددا كبيرا بالتأكيد، فإنها تظهر أيضا علامات ضبط النفس التي تشير إلى مخاوف طهران الخاصة بشأن المزيد من التصعيد. أولا، كان بإمكان إيران أن تطلق كميات أكبر– ليس أكثر مما أطلقت بحجم كبير جدا، ولكن ربما على الأقل ضعف ما أطلقته دون استنزاف مخزونها من ذخائرها ذات المدى الأبعد. ثانيا، تشير التقارير الأولية إلى أن الهجوم ركز بحسب ما ورد على هدف عسكري واحد أو أكثر، بما في ذلك قاعدة جوية إسرائيلية خارج بئر السبع. وهذا أيضا يدل على درجة كبيرة من الحذر من جانب إيران. كان من الممكن أن تطلق باتجاه تل أبيب أو حيفا، حيث كان من المرجح أن يؤدي أي اصطدام هناك إلى مقتل مدنيين إسرائيليين.