تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والنيجر بشكل مفاجئ خلال شهر رمضان بعد قرار المجلس الوطني العسكري في نيامي وقف العمل بالاتفاق الأمني الموقع مع واشنطن عام 2012، ودعوة نحو 1100 من القوات المسلحة الأميركية (المارينز) لمغادرة البلاد بشكل نهائي، وإغلاق القاعدة العسكرية شمالي البلاد التي كلف بناؤها نحو 110 ملايين دولار، وهي مجهزة بأحدث التقنيات المتطورة والطائرات المسيرة من نوع "إم كيو 9" (MQ-9 s)، لرصد نشاط الجماعات الإرهابية المسلحة التابعة لـ"القاعدة"، وتنظيم "داعش"، وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التي تنشط في غرب أفريقيا ودول الساحل.
ولم تكشف القيادة الجديدة في النيجر عن الأسباب الحقيقية لهذا القرار المفاجئ، لكن البلاغ الذي تلاه العقيد عبد الرحمن أمادو في التلفزيون الرسمي أشار إلى أن "السلطات العسكرية (في بلاده) تتهم واشنطن بمنعها من حق اختيار شركائها الأجانب في المجالات الدبلوماسية الاستراتيجية والأمنية". وكان وفد دبلوماسي وعسكري أميركي بقيادة نائبة كاتب الدولة في الخارجية المكلفة بالشؤون الدولية والأفريقية مولي في، وحضور قائد قوات "أفريكوم"، الجنرال مايكل لانغلي، الذي زار نيامي منتصف مارس/آذار، واجتمع مع مسؤولين في النظام الجديد. وقد استقبلهم رئيس الحكومة علي الأمين زين، من دون حصول لقاء مع رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن التياني، مما يشير إلى وجود خلافات عميقة اعترت المفاوضات بين الجانبين. وقالت مصادر عسكرية محلية: "إن الأميركيين يتهمون النظام الجديد بعقد اتفاقات سرية مع روسيا وإيران تشمل المجالات العسكرية والتزود باليورانيوم". وهو أمر ترفضه واشنطن بقوة وتعتبره يهدد مصالحها في عدد من مناطق العالم، ولن تسمح بتمريره تحت طائلة العقوبات على المخالفين.
نفي التعاقد مع إيران
سارع الناطق العسكري في نيامي عبد الرحمن أمادو إلى نفي وجود أي اتفاق سري مع إيران بشأن تزويدها باليورانيوم النيجري، واعتبر ذلك "مجرد كذبة غير صحيحة"، متهما الأميركيين بالعجرفة والتعالي في العلاقات مع الآخرين. وكانت أوساط استخباراتية غربية أكدت حصولها على "معلومات بوجود اتصالات بين المجلس العسكري في النيجر ومسؤولين إيرانيين". واتسعت مؤخرا هوة الخلاف بين واشنطن والنظام الجديد في النيجر. وقالت أنيليز برنارد، مسؤولة سابقة في وزارة الخارجية الأميركية المتخصصة في الشؤون الأفريقية: "إن ما يحدث في النيجر ومنطقة الساحل لا يمكن النظر إليه بمعزل عن علاقاتنا المتدهورة في الشرق الأوسط وأجزاء أخرى من العالم، لها تأثير على دول غرب أفريقيا".