الشبكات الإجرامية تتقدم في المعركة على موانئ أوروباhttps://www.majalla.com/node/315031/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A6-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7
تعد موانئ أوروبا مراكز لتهريب المخدرات. في 16 فبراير/شباط، ضبط ميناء كورك ما قيمته 32.8 مليون يورو (35.6 مليون دولار) من مادة الكريستال ميث. وفي العام الماضي، صادر ميناء أنتويرب، إحدى بوابات المخدرات الرئيسة في أوروبا، كميات قياسية من الكوكايين. وعلى الرغم من ذلك، فإن معظم المخدرات تفلت من الجمارك وينتهي بها المطاف في الشوارع. كما أن أكثر من ربع كميات الأسلحة النارية غير المشروعة المصادرة وحوالي نصف جرائم القتل في الاتحاد الأوروبي مرتبطة بالإتجار في المخدرات. وتقدر قيمة سوق المخدرات غير المشروعة في الاتحاد الأوروبي الآن بما لا يقل عن 31 مليار يورو سنويا، وذلك وفقا لوكالة مراقبة المخدرات الرئيسة في الاتحاد الأوروبي.
وتعتبر الموانئ منطقة آمنة نسبيا للإتجار بالمخدرات، حيث تساعد حركة الحاويات الواسعة على تنفيذ عمليات التسليم المراوغة رغم وجود الرادار. ويتعامل ميناء أنتويرب، ثاني أكبر ميناء في أوروبا بعد روتردام، مع ما يقرب من 290 مليون طن من البضائع سنويا. ويصعب اكتشاف المخدرات المخبأة في أماكن معدة بمهارة ومكر، كتلك التي توضع داخل أسماك التونة المجمدة أو في الصناديق البحرية. وتعتبر الحاويات المبردة التي تحمل منتجات طازجة، والتي تحتاج إلى معالجة أسرع، من الأماكن الشائعة لتخزين المخدرات.
وفي الثامن من فبراير/شباط، ضبطت سلطات ميناء ساوثامبتون 5.7 طن من الكوكايين في شحنة موز قادمة من أميركا الجنوبية. كانت تلك أكبر عملية مصادرة مخدرات من الصنف الأول في تاريخ بريطانيا.
ومع تصاعد إنتاج الكوكايين في أميركا الجنوبية، وركود الأسعار في الشوارع في أوروبا، يبدو أن المهربين يفضلون التعامل مع شحنات أكبر. قد يفسر هذا سبب تزايد كميات الكوكايين المضبوطة في أوروبا مع انخفاض عدد المضبوطات الفردية منذ عام 2019، كما تقول كاثي هاينلاين من المعهد الملكي للخدمات المتحدة (rusi)، وهو مركز أبحاث يقع مقره الرئيس في لندن. وفي الوقت نفسه، تعمل المستويات الأعلى من الأتمتة والرقمنة في الموانئ الكبرى، على نحو متناقض، على تسهيل اختراقات أمنية جديدة يمكن للعصابات استغلالها. حيث تقوم تلك العصابات بشكل متزايد بسرقة الرموز المرجعية للحاوية لانتزاع البضائع التي تحتوي على الكوكايين المهرب فيها. ويمكن للعمال الفاسدين الحصول على ما يصل إلى 15 في المئة من قيمة المخدرات، وفقا "لليوروبول" (الشرطة الأوروبية). ويتعرض الآخرون للابتزاز.
مع تصاعد إنتاج الكوكايين في أميركا الجنوبية، وركود الأسعار في الشوارع في أوروبا، يبدو أن المهربين يفضلون التعامل مع شحنات أكبر
مع ازدياد إبداع المحتالين، تحاول السلطات مجاراتهم. وقد أصبح استخدام الدرونات شائعا. حيث تستخدم تلك الطائرات الكاميرات الحرارية للبحث عن أعضاء العصابة الذين يلتقطون الشحنات، أو لتتبع الحركات المشبوهة للبضائع المشحونة. وأصبح ميناء أنتويرب أول ميناء رئيس يستخدم درونا مستقلة في مايو/أيار الماضي، وتعهد أيضا بفحص جميع الحاويات عالية الخطورة بحلول عام 2028 بواسطة الاسكنر (أجهزة المسح). كما تسعى شركات الشحن بشكل حثيث لتطوير أساطيلها وتزويدها بوسائل التكنولوجيا الجديدة، مثل المستشعرات البخارية، والحاويات الذكية والأختام الإلكترونية. وفي يناير/كانون الثاني، أطلق الاتحاد الأوروبي تحالف الموانئ الأوروبي لتعزيز التنسيق بين الموانئ والحكومات والشركات الخاصة. وسوف ينفق نحو 200 مليون يورو على معدات المسح الجديدة.
لكن أوروبا تخوض معركة خاسرة. فالعدد الهائل من الحاويات التي تمر عبر موانئها سوف يجعل عملية المسح غير فعالة. ففي أوربا تخضع 10 في المئة فقط من الحاويات القادمة من أميركا الجنوبية للفحص و1.5 في المئة من كافة الحاويات بشكل عام. ومن المحتمل أن يؤدي المزيد من عمليات الفحص إلى عرقلة التجارة. إضافة إلى ذلك، عندما تغلق أحد الأبواب، فإن بابا آخر يميل إلى الفتح. تشهد الموانئ متوسطة الحجم، مثل هيلسينغبورغ في السويد ومالقا في إسبانيا، المزيد من تهريب المخدرات بالفعل، ويرجع ذلك بلا شك إلى تشديد الإجراءات الأمنية في روتردام وغيرها من مراكز الإتجار بالمخدرات القائمة.
يصعب القضاء على الفساد. وعمليات الفحص ليس لها وزن يذكر مقارنة بالتهديدات بالعنف. ويقوم الكثير من شبكات الإجرام الدولية بتعيين منسقين محليين، فالعوائد المتاحة تجعل الاستثمار جديرا بالاهتمام. يقول لويس بورير من شركة "ريسك إنتيليجنس" (إدارة المخاطر) الاستشارية: "إنهم يعرفون المنطقة ويعرفون الناس".
ما الذي ينبغي القيام به؟ إن تحسين تبادل المعلومات في مختلف أنحاء أوروبا سوف يساعد. لكن الفجوات باقية. وبالفعل فقد مُنع ميناء بيرايوس في اليونان من الانضمام إلى تحالف الموانئ الجديد بسبب الشبهات حول مالكيه الصينيين. وهذا ينذر بالسوء بالنسبة للموانئ الأوروبية التي تمتلك فيها الشركات الأجنبية غالبية الحصص.
يصعب القضاء على الفساد، وعمليات الفحص ليس لها وزن يذكر مقارنة بالتهديدات بالعنف
يعمل المسؤولون الأوروبيون بشكل ملائم على تعزيز جهودهم لتحقيق المزيد من التقدم في سلسلة الإمدادات. أنشأ الاتحاد الأوروبي برنامجا عالميا للتدفقات غير المشروعة في عام 2019، وبدأ مرحلة جديدة من مشروع التعاون البحري (seacop) منذ يناير/كانون الثاني. وقد بدأت الجهود الدولية تثمر بالفعل. حيث جُمدت ممتلكات مرتبطة بالكوكايين بقيمة 48 مليون يورو في إسبانيا والإكوادور في فبراير، بعد تحقيق مشترك مع اليوروبول. (وافقت الإكوادور على تبادل المزيد من البيانات مع اليوروبول في مايو/أيار من العام الماضي). لكن تبقى الإكوادور مخترقة بعصابات المخدرات. وما دام الطلب في أوروبا يرتفع، فإن التدفق لن يتوقف. وسوف يواجه المحتالون سنة أخرى حافلة.