احتدمت الخلافات حول الطريقة التي اعتمدها إيران في نهاية المطاف، قبل ساعات من الرد على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قنصليتها في دمشق، في دوائر القرار العليا، خصوصا في المجلس الأعلى للأمن القومي، وتنظيم "الحرس الثوري".
وفي الاجتماع الأخير الذي عقده المجلس بحضور رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، لمناقشة آثار الغارة واتخاذ القرار المناسب بشأنها، انقسم المجتمعون إلى فئتين: فئة المتحمسين الذين ينادون بالرد المباشر، أي ضرب أهداف عسكرية وأمنية داخل إسرائيل بالصواريخ الباليستية، وكل فعل أقل من هذا هو علامة ضعف.
وفئة المتعقلين الذين يفضلون المضي في سياسة "الصبر الاستراتيجي"، التي أثبتت جدواها في حماية إيران، ويفضلون الرد عبر الأذرع الوكيلة، للحؤول دون تحقيق إسرائيل غايتها بجر إيران نحو حرب مباشرة.
في المقابل، أبدت مجموعة في "الحرس" خشيتها من أن يؤدي الرد المباشر إلى تحقيق حلم بنيامين نتنياهو بافتعال حرب إقليمية يكون هدفها تدمير إيران، ورأت أن الانتقام بواسطة الميليشيات الوكيلة هو الحل الأمثل.
في حين اعتبرت مجموعات أخرى أنه على إيران المجازفة بالرد المباشر مهما كانت العواقب، لئلا تفقد مصداقيتها وتهتز صورتها كقوة إقليمية.
الخلاف داخل مراكز القرار عكسته وسائل الإعلام، التي انقسمت بدورها إلى فئتين متماثلتين، فأيد قسم منها الرد المباشر من الأراضي الإيرانية على أهداف عسكرية أو أمنية داخل إسرائيل، بينما حذر قسم آخر من الانزلاق إلى هذا الفخ الذي نصبته إسرائيل.
وفي هذا السياق، كتبت صحيفة "كيهان" المتشددة أن "الرد على إسرائيل آتٍ لا محالة، لكن الأهمية الكبرى هي لنوعه وحجمه وكذلك زمانه ومكانه، ويجب أن لا يتأخر، فعامل الوقت مهم جدا، وعلى العدو أن يعرف أن الغضب الإيراني مقدس". بينما انتقدت صحيفة "همشهري"، الأصوات الفوضوية التي تدعو إلى اتخاذ قرار فوري بالرد المباشر، وكتبت: "لماذا تصرون على تنفيذ خطة العدو؟". كما نشر موقع "بصيرت" التابع لـ"الحرس" تقريرا مفصلا عن الغارة الإسرائيلية، وأكد أن "جبهة المقاومة سيكون لها رد قريب ومتوازن واستراتيجي". وختم: "إن هدف نتنياهو هو جر إيران والولايات المتحدة إلى هذا الصراع، وهو ما لن يتحقق أبدا".