ارتبطت الحرب الإسرائيلية على غزة باسمي بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار، وساعدتهما على التشبث بالسلطة رغم الدمار الهائل، الذي غير ملامح المدينة بأكملها، والمعارضة لحكمهما، والتي تتمثل في احتجاجات ضد الأول، وانتقادات في السر والعلن بين فلسطينيين في غزة- ومن بينهم موظفون في وزارات "حماس"- تلاحق الأخير لتوريطهم في عملية "طوفان الأقصى".
شخصن نتنياهو والسنوار الحرب إذن، وهذا نقد لذاتهما، وليس لذات إسرائيل، كدولة، أو لذات "حماس"، كحركة أو لذات فصائل تقاوم الاحتلال الإسرائيلي. كما أنه ليس مقارنة بين الرجلين بتاريخهما المختلف جذريا. لكنه نقد لإدراتهما السياسية للأزمة الراهنة. وما فتئ نتنياهو يبرر استمرار الحرب للقضاء على "حماس" عن طريق خطاباته العاطفية التي تفتقر إلى رؤية واضحة، بينما تحشد اليمين واليمين المتطرف وتعمل على إعلاء "الأنا" على حساب المصالح السياسية والاستراتيجية لبلده.
فيما يواصل السنوار صمته الرهيب. لم يتحدث السنوار مطلقا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على النقيض من نتنياهو، وهذا الصمت يبدو وكأنه جزء رئيس من استراتيجية التواصل الإعلامي غير اللفظي، ففي الصمت تعبير عن الازدراء للطرف الآخر، إضافة الى مسألة الخوف من الاغتيال. وإذا حللنا موقفه السياسي من منظور نفسي، فإن "الصمت كخيار للنشاط السياسي يمكن أن يكون تكتيكيا، أي أن يكون فن الطرف الضعيف"، كما يعرفه الفيلسوف الفرنسي ميشال دي سيرتو.
ولكي يُبعد عنه شبهة الصمت السلبي، فإن قائد "حماس" يوكل لمتحدثين عسكريين وسياسيين باسم حركته مهمة التواصل اللفظي لتأطير الحرب من وجهة نظره، ولفرض سردية النصر السياسي والعسكري، كما يفعل نتنياهو والمتحدثون الرسميون وشبه الرسميين في إسرائيل.