اليوم، أكملت "حرب 15 أبريل" اللعينة في السودان عامها الأول. عام كامل منذ انفجار شرارة جنون النزاع على السلطة والسيطرة في قلب العاصمة السودانية الخرطوم بين ميليشيا "قوات الدعم السريع" ومالكها محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي" من جهة، وقوات الجيش السوداني وقائدها العام عبد الفتاح البرهان من جهة أخرى. عام كامل من الحرب التي خلّفت وراءها دمارا هائلا، وفقدانا لا يُعوض، وندوبا لا تُمحى من ذاكرة شعب عريق صبر على خذلان الساسة على مر التاريخ، لكن جراحه هذه المرة أعمق وأشد وجعا. عام كامل، وصورة السودان في أعين العالم محصورة في مشاهد الدمار والنزوح والتشرد والأرقام المتصاعدة لضحايا الانتهاكات.
كانت تداعيات الحرب على السودانيين كارثية بكل المقاييس، وزاد من وطأتها عجز المجتمع الدولي عن الاستجابة بتقديم حلول تساعد في وقفها. أصبح السودان موطن أكبر كارثة معاناة إنسانية بجميع المقاييس. حيث فقد أكثر من 14 ألفا من المدنيين أرواحهم وهم محاصرون في مناطق القتال. بينما شهدت المناطق التي سيطرت عليها ميليشيا "قوات الدعم السريع" حوادث لا تعد ولا تحصى من حالات النهب الممنهج والتهجير القسري، بالإضافة إلى انتهاكات العنف الجنسي واختطاف النساء والاغتصابات التي بلغ عددها 370 حالة موثقة بحسب تقرير حديث صادر عن "مركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط". وهو رقم يرجح المراقبون والمنظمات الحقوقية أنه لا يعكس 2 في المئة من العدد الكلي للحالات في ظل المصاعب التي تواجه التبليغ عن هذه الانتهاكات وتوثيقها ناهيك عن تقديم الرعاية اللازمة لها، بالإضافة إلى مصاعب الوصول إلى ضحايا الانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا "قوات الدعم السريع".
لم تستثن هذه الانتهاكات طفلا ولا عجوزا، فقد وثقت "منظمة العفو الدولية" أن العشرات من النساء والفتيات- بعضهن لا يتجاوز عمرهن 12 عاما- تعرضن للعنف الجنسي والاحتجاز والعبودية الجنسية.