الخرطوم- اندلعت شرارة القتال هذه المرة من تحت أقدام الحكام ومضاجعهم في مقر قيادة الجيش والقصر الجمهوري. للمرة الأولى بدأت حرب 15 أبريل/نيسان في السودان من العاصمة الخرطوم، ثم انتقلت إلى كل أرجاء البلاد، الجميع ظنها حربا خاطفة، ساعات أو على الأكثر أسابيع وتنتهي. كلاهما (الجيش و"قوات الدعم السريع") كانا يرددان ذلك، إلا أن الواقع كذب كل هذا وأكملت الحرب عامها الأول وقطعا ينتظرها عمر جديد لا يعلم حدوده أحد، ولكن يتفق معظم المحللين على أنه سيكون أكثر شراسة من الذي مضى بعد تبادل القتل بالطائرات المسيرة.
الحرب التي أكملت عاما لا تزال غامضة، لذا سنعود للوراء قليلا ونطرح سؤالا جوهريا، لماذا اندلعت الحرب في 15 أبريل؟
وقطعا من منصة هذا السؤال تتناسل أسئلة أخرى لا تقل أهمية عنه. كما أن هناك ضرورة في الإجابة عنها: كيف كانت الأجواء عشية الحرب؟ وهل كانت حرب 15 أبريل مؤجلة؟ وهل ستنقشع المعركة والسودان أكثر من بلد؟ وهل يمكن أن يعود السودان كما كان قبلها؟
بداية الشرارة... اختلاف الرؤى
يصعب اجتزاء حرب 15 أبريل 2023 من الحدث الأساسي الذي سبقها وهو انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي نفذته القيادة العسكرية الممثلة في قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد "قوات الدعم السريع" الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وعقب الانقلاب بأشهر قليلة تباينت رؤية كل قائد منهما عن مستقبله السياسي ومكاسب مكونه الذي يقوده من الانقلاب الذي أزاح المدنيين عن السلطة بينما يرى البرهان أنه أفلح في إبعاد المدنيين ممثلي الثورة واستبدلهم بداعمين جدد هم الإسلاميون من النظام القديم، وهذا يضمن له الاستمرار والبقاء لإدراكه بسيطرتهم العريضة على الجيش وقدراتهم الاقتصادية والتنظيمية.