عارف الساعدي: ننتظر إكمال ترميم بغداد التاريخية هذا العام

• كيف تنظر الحكومة إلى ملف التنمية الثقافية إزاء تحديات التنمية الاقتصادية والأمنية؟

- التنمية الثقافية، للأسف، غير متحققة في البلاد، إذ لا يمكن الحديث عن تنمية ثقافية في ظل رعاية الدولة والحكومات للمشاريع الثقافية، فمن دون دخول رأس المال الخاص إلى هذا القطاع لا يمكن الحديث عن سينما ناهضة أو دراما عظيمة، فن من دون شركات كبرى، لا يمكن أن يستمر، فالدولة على الرغم من متابعتها ودعمها إلا أنه من غير الصحيح أن يبقى ملف التنمية الثقافية دون مبادرين، وأنا أذكر يوم التقى رئيس الوزراء مجموعة كبيرة من الفنانين والأدباء وأطلق مشروع دعم السينما والدراما، ركز في حديثه على قضيتين مهمتين، الأولى أن هذا الدعم غير مشروط نهائيا، فالفنانون غير مطالبين بمراعاة مزاج رئيس الحكومة أو الأحزاب الحاكمة، إنما الشرط الوحيد هو جودة العمل الفني. أما القضية الثانية التي طرحها فهي إشارته إلى ضرورة دخول القطاع الخاص والشركات في العمل الفني وتسويقه، وتعهد الحكومة بدعم هذه الشركات وتذليل أي صعوبة تواجهها، وهذا ما ننتظره بصراحة.

• إلى جانب مهامك الاستشارية، ترؤس مجلس الإدارة في دار الشؤون الثقافية العامة، وقد لفتَّ الأنظار عبر سلسلة "الأعمال الكاملة"، ومجموعة لافتة ومتواصلة من الإصدارات النوعية، والانفتاح على الأجيال الجديدة في الكتابة بعدما كانت حصرا على فئة محدودة، ما جديدكم هذا العام؟

- العمل في إدارة دار الشؤون الثقافية مهمة كبيرة ولذيذة، فأن تعمل في أعرق دور النشر العربية وفي مؤسسة طبعت آلاف العناوين التي نهضت بالثقافة العربية، هذا يعني أن المهمة صعبة ومضاعفة، وهذا ما حدث في بداية تسنمي إدارتها، حيث تعاضد عملنا مع عمل وزير الثقافة السابق الدكتور حسن ناظم الذي دعم المؤسسة وأطلقنا مشروع طباعة الأعمال الكاملة لرواد ومؤسسي الثقافة العراقية، فقمنا بطباعة العشرات من الأعمال المهمة لكبار المبدعين والرواد العراقيين (الحبوبي، الجواهري، لميعة عباس عمارة، نازك الملائكة، الزهاوي، حسب الشيخ جعفر، فوزي كريم، عبد الأمير الورد، أحمد الصافي النجفي، الأعمال الفكرية الكاملة للدكتور مدني صالح ونماذج أخرى عدة). وبقي هذا المشروع مستمرا ومتواصلا حتى هذه اللحظة، فما زلنا نعمل على فكرة الأعمال الكاملة حيث طبعنا الأعمال القصصية الكاملة لفهد الأسدي، والآن نعمل على الأعمال الكاملة لجعفر الخليلي وحسين علي محفوظ وياسين طه حافظ وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري وعشرات آخرين نعمل على أعمالهم الكاملة شعرا وقصة وفكرا وفلسفة.

• ملف الثقافة لا يزال معتمدا على المعونة الحكومية، ما أسباب ذلك في رأيك؟ ولماذا رأس المال العراقي الخاص بعيد عن الاستثمار في قطاعات الفن والترفيه الثقافي؟

- هذه المشكلة جزء من ثقافة الحكومات الريعية التي تعتمد على بيع نفطها وتوزيعه رواتب وهبات، وهذا الأمر يصنع شعبا كسولا إلى حد ما، أما دعم الثقافة حكوميا فهو قائم على الرغم من مطالبتنا للقطاع الخاص بالدخول الى هذا المعترك، ولكن يبقى على الحكومة واجبها الأخلاقي في دعم الثقافة، فمثلما تصرف الحكومات مليارات الدولارات لتأمين الغذاء ولتجهيز العسكر لحماية وضبط الأمن، كذلك يحتاج المجتمع الى الأمن الثقافي والرياضي، وهو جزء من واجب أي حكومة خصوصا مثل وضعنا الذي تعرض لاهتزازات كبيرة ساهمت في تصدّع المجتمع.

• ما الإنجاز الأهم ثقافيا الذي تَسعون الى تحقيقه هذا العام؟

- الانجاز الثقافي الأهم كما أتصور هو ترميم وتأهيل مدينة بغداد التاريخية، وكذلك إنتاج ما لا يقل عن خمسة أفلام طويلة وأربعة مسلسلات تقع ضمن منحة رئيس الوزراء.

معلقة

• حكّمت في لجنة الشعر الفصيح بمسابقة "معلقة" على قناة mbc و"الثقافية" السعودية. كيف تقيّم الموسم الأول من البرنامج، بالأخص وقد أثار ردود أفعال متباينة بين القبول والتوجس؟

هذه واحدة من أجمل التجارب التي عشتها، حيث حكّمنا طوال أسابيع تجارب شعرية كبيرة وليست مواهب جديدة، إنما شعراء كبار شاركوا في المسابقة، والأهم في هذا البرنامج أن قصيدة النثر تدخل للمرة الأولى ميدان المسابقات الشعرية الجماهيرية، وقد قدم شعراء قصيدة النثر أنفسهم بشكل رائع استطاعوا فيه أن يصلوا الى ذائقة الكثيرين من الناس أو المثقفين الذين كانوا ينظرون بريبة إلى هذا النوع من الشعر. "معلقة" برنامج مختلف ونجح نجاحا كبيرا.

• تكتب الشعر بأشكاله العموديّ  والتفعيلة وقصيدة النثر، كيف تحصل هذه المصالحة؟ هل تعتقد أن "العقل الشعري" بتعبير خزعل الماجدي، لشاعر ما، قادر على التعامل مع أشكالٍ شعرية قد تبدو متقاطعة الآليات والاستعمالات على الجانب الفني؟

- دعك من العقل الشعري واذهب إلى القلب الشعري، لأن الشعر يملك قلبا كبيرا وعقلا صغيرا جدا، وإذا تضخم العقل الشعري فسيتحول النص الى حجارة وحزورات لا قيمة لها، أما عن الأشكال الشعرية فقد كنت سابقا ضد قصيدة النثر أيام شبابنا، ولكن في ما بعد مع تقدم العمر تنسحب الافكار المراهقة والطفولة الثقافية الى مناطق أخرى وتبدأ فكرة تجاور الأشكال بدلا من صراعها، وهذا ما حدث معي طبعا دون أن أخطط لكتابة القصيدة والشكل الذي ترتديه، إنما القصيدة هي التي تفرض شكلها.

• ما جديدك الشعري؟ وهل سرقتك المسؤولية الرسمية من الشعر؟

- صدر لي قبل أشهر ديوان "قصائد العائلة" فضلا عن مختارات شعرية من دائرة الثقافة في حكومة الشارقة لمناسبة اختياري الشخصية العربية المكرمة في مهرجان الشارقة للشعر العربي الأخير، وكذلك أصدر لي اتحاد الأدباء والكتاب في العراق مختارات شعرية رفقة كبار الشعراء العراقيين لمناسبة مهرجان المربد وهم مظفر النواب وكاظم الحجاج وأحمد مطر، وتشرفت أن يكون اسمي مع هذه الأسماء العظيمة في المختارات التي أطلق الاتحاد عليها "المختارات الماسية"، أما المسؤولية وسرقتها فهي فعلا سرقتني ليس فقط من الشعر بل من عائلتي ومن أصدقائي، لكني أعلل النفس بأن ما تصنعه يقع في الصميم من قلب الثقافة العراقية والعربية.