في أعقاب هجوم "داعش" في موسكو يوم 22 مارس/آذار، تركز اهتمام وسائل الإعلام والسياسة بشكل مباشر على التهديد الذي يشكله فرع "داعش" في أفغانستان (داعش-خراسان). ولم يكن ذلك عن عبث، فقبل أيام فقط، أخبر قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال إريك كوريلا، الكونغرس بأن "داعش في خراسان يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأميركية والغربية في أقل من ستة أشهر ودون سابق إنذار". وسبق هجوم 22 مارس سلسلة تنبيهات عامة أصدرتها وزارة الخارجية الأميركية حول تهديد إرهابي محتمل داخل روسيا، وفعل الشيء نفسه مجتمع الاستخبارات الأميركي حين أبلغ نظراءه الروس بتهديد وشيك من تنظيم "داعش".
وبعيدا عن تنظيم ولاية خراسان، حظي التوسع الكبير لتنظيم "داعش" في أفريقيا باهتمام كبير في الآونة الأخيرة. وتنشط المجموعة الآن في أكثر من 20 دولة عبر القارة، حيث بدأت في ممارسة السيطرة الإقليمية في بعض تلك الدول وتنفيذ أشكال صارمة من الحكم.
علاوة على ذلك، أنشأ "داعش" خطوط تجنيد وخطوطا لوجستية ومالية تمتد من أفريقيا إلى أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. وعلى وجه التحديد، قامت الكيانات المالية لـ"داعش" في غرب وشرق أفريقيا بتحويل مبالغ كبيرة ومتكررة من المال إلى تنظيم ولاية خراسان في أفغانستان لدعم عملياتها محليا ودوليا.
ومع ذلك، منذ الهزيمة الإقليمية لـ"داعش" أوائل عام 2019، لم يتم إيلاء سوى القليل من الاهتمام للمعقل الأصلي والطويل الأمد للجماعة الإرهابية في سوريا والعراق. وهذا أمر مفهوم إلى حد ما. إن الحملة الدولية المنسقة لمواجهة "داعش" بين عامي 2014 و2019 جعلت الجماعة الإرهابية تتضاءل لتغدو مجرد ظل لما كانت عليه في السابق. ومنذ عام 2019، انخفضت هجمات "داعش" بشكل مطرد، إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2010. ولا يزال هذا هو الحال في العراق، حيث نجحت حملة التحالف الدولي وإعادة بناء الأجهزة الأمنية العراقية إلى اختفاء "داعش" تقريبا. ومثال ذلك، أن التنظيم نفذ في الأشهر الاثني عشر الماضية ما مجموعه 108 هجمات فقط على الأراضي العراقية ــ بمتوسط 9 هجمات شهريا، في حين كان تنظيم "داعش" مسؤولا عن 347 هجوما، أو بمتوسط شهري قدره 29 هجوما في الأشهر الاثني عشر السابقة.