أثار وزير الري المصري هاني سويلم مؤخرا مناقشات حول الإجراءات التي قد تتخذها مصر لحماية أمنها المائي، حين أصدر تحذيرا صريحا من أن إثيوبيا ستواجه عواقب إذا أثر سد النيل الأزرق سلبا على مصر. وأكد الوزير في مؤتمر صحافي في القاهرة أواخر مارس/آذار أن هذه السدود المبنية على نهر النيل لها تأثير كبير على مصر، شارحا: "إن إثيوبيا ستتحمل عواقب أي ضرر يلحق بمصر".
ويأتي هذا البيان التحذيري بعد أن أوقفت مصر المحادثات بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير، وهو مشروع كبير للطاقة الكهرومائية تقيمه إثيوبيا على النيل الأزرق، وهو مصدر مياه بالغ الأهمية لمصر. ووصف الممثلون المصريون المناقشات مع إثيوبيا بأنها لم تكن مثمرة، ولذلك قرروا الخروج من المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023، ووصفوها بأنها مسعى غير مجدٍ.
وكانت حكومات مصر وإثيوبيا والسودان قد انخرطت منذ 2011، في مفاوضات حول ملء السد وتشغيله للتخفيف من آثاره. لكن هذه المحادثات فشلت في تحقيق نتائج جوهرية، رغم جهود الوساطة التي بذلتها قوى وحكومات ومؤسسات مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والبنك الدولي. واتهمت مصر إثيوبيا بأنها كانت تريد تعطيل المفاوضات للمضي قدما في استكمال السد.
سيناريو قاتم
ويشكل بناء سد النهضة وضعا صعبا بالنسبة لمصر، التي تعاني بالفعل من ندرة في المياه، ومن المرجح أن يؤدي بناء السد الإثيوبي إلى تفاقمها. وتتلقى مصر تقليديا 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنويا. وقد دعم هذا التخصيص سكان مصر وقطاعيها الزراعي والصناعي. ولم تزد حصة مصر مع زيادة عدد سكانها وبقيت دون تغيير.
وتعاني مصر عجزا متزايدا من المياه، مع تزايد عدد سكانها الذي بلغ في هذه السنة 105 ملايين مواطن مصري، ويزيد عليهم نحو تسعة ملايين لاجئ. وتقدر الحكومة المصرية هذا العجز بأكثر من 30 مليار قدم مكعب سنويا.
وقال عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، لـ"المجلة" إن المشكلة الحقيقية تكمن في أن "نقص المياه سيزداد في المستقبل"، مبينا أن "عدد السكان مستمر في النمو، لكن كمية المياه التي تحصل عليها مصر من نهر النيل والمصادر الأخرى، بما في ذلك هطول الأمطار، تظل كما هي على مر السنين".
وتقول الحكومة المصرية إن سد النهضة، عندما يتم تشغيله بطاقته القصوى، سيحرم مصر من كمية كبيرة من المياه، ما سيؤدي إلى دمار هائل للأراضي الزراعية في مصر، وتوسيع الفجوة بين إنتاج الغذاء واستهلاكه، ويجبر القاهرة على توفير المزيد من الأموال لواردات الغذاء.
وتحاول مصر التغلب جزئيا على نقص المياه لديها من خلال زيادة الاعتماد على معالجة مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر، ولكن هذين المشروعين مكلفان للغاية.