يعيش لبنان احتقانا سياسيا وأمنيأ متصاعدا في ظل المخاوف المحلية والخارجية من انفلات المواجهات العسكرية على حدوده الجنوبية بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي، نحو حرب واسعة. ضاعف هذه المخاوف في الأيام الماضية القلق من انعكاسات أي رد إيراني انتقامي على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع أبريل/نيسان الجاري، إذا تدحرجت الأمور إلى رد على الرد، يشمل لبنان. وكل ذلك يخضع لخلافات بين قواه السياسية حول مقاربة مفاعيل حرب غزة على البلد.
لم يكن ينقص لبنان، في ظل هشاشة وضعه السياسي والأمني في الداخل وعلى الحدود، سوى جريمة قتل منسق حزب "القوات اللبنانية" باسكال سليمان بمنطقة جبيل في جبل لبنان، والتي تركت تفاعلات سياسية وشعبية وطائفية أنذرت بالفتنة الطائفية.
الشحن الطائفي على مواقع التواصل
ومع أن التحقيقات في ظروف الجريمة التي قالت الأجهزة الأمنية إنها حصلت أثناء سرقة عصابة من السوريين سيارة المغدور، ما زالت متواصلة، فإنها أيقظت شياطين الحرب الأهلية قبل أسبوع على ذكراها التاسعة والأربعين، يوم 13 أبريل المشؤوم. فـ"حزب القوات" اعتبرها "اغتيالا سياسيا" للقيادي فيها، في انتظار إثبات العكس.
لكن مناصريه ألمحوا على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ اختفاء سليمان الأحد 7 أبريل، إلى ضلوع "حزب الله" في العملية، فيما اكتفت قيادات "القوات" بالتلميح إلى "الحزب" من دون تسميته. وهذه المواقع تشهد على الدوام فلتان اللغة التعبوية السياسية المشحونة بالمغالاة الطائفية والمذهبية.
الأمين العام لـ"الحزب" حسن نصر الله، اتهم "القوات" وكذلك حزب "الكتائب" بالسعي للحرب الأهلية، في خطاب ليل اليوم نفسه. إذ إن منطقة جبيل ذات الأغلبية المارونية تتميز بوجود 6 قرى شيعية يدين معظم سكانها بالولاء لـ"حزب الله"، منذ امتداد نفوذ الأخير وسط الطائفة، إضافة إلى نفوذ حركة "أمل". وأشار نصر الله إلى تلقي بعضهم تهديدات إثر اختفاء المغدور سليمان، واصفا ذلك بـ"الخطير جدا جدا"... كل ذلك حصل قبل اكتشاف العصابة المؤلفة من سوريين ذوي سوابق في سرقة السيارات ونقلها إلى الأراضي السورية، والتي قالت الرواية الرسمية إنها قتلت المغدور أثناء مقاومته لهم، فنقلوا جثته والسيارة إلى سوريا.
كانت الأجواء المشحونة انتشرت وشملت قطع مناصري "القوات" الطريق على الأوتستراد الرئيس الذي يصل الشمال ببيروت. وتوزع غضب جمهور الشارع "القواتي" بين النقمة على النازحين السوريين الذين تعرض بعضهم لاعتداءات في مناطق متفرقة، وبين الحملات على "الحزب".