بمجرد أن تخف أزمة غزة، يبدو من المرجح أن معاهدة الدفاع الأميركية- السعودية الرسمية ستكون جزءا من المفاوضات بين واشنطن والرياض. وقد تحاول إدارة بايدن مرة أخرى إقناع إسرائيل والمملكة العربية السعودية بالتطبيع. وأفاد مقال نشر في سبتمبر/أيلول من صحافيين محترمين في صحيفة "نيويورك تايمز"، بأن المسؤولين الأميركيين قالوا بشكل خاص إن إدارة بايدن تفكر في معاهدة مع المملكة العربية السعودية تشبه المعاهدات مع اليابان وكوريا الجنوبية. في هذا التحليل، لن أناقش السياسة الأميركية فيما يتعلق بالمعاهدة. وبدلا من ذلك، يدرس هذا التحليل ما تقترحه نماذج المعاهدات اليابانية والكورية لكيفية عمل الأميركيين بعد توقيع معاهدة.
المعاهدات الثنائية ذات الرؤية الإقليمية
بدأت إدارة الرئيس أيزنهاور ووقعت معاهدة الدفاع المتبادل مع كوريا الجنوبية عام 1953، ومعاهدة "التعاون والأمن المتبادل" المنقحة مع اليابان عام 1960. وتهدف المعاهدتان في فترة الحرب الباردة إلى ردع العدوان الشيوعي، تحت قيادة الاتحاد السوفياتي، ضد حليفي أميركا، خاصة بعد الهجوم الكوري الشمالي على كوريا الجنوبية عام 1950.
شعر الأميركيون بالقلق إزاء العدوان الشيوعي في جميع أنحاء شرقي آسيا، وتشير كلتا المعاهدتين على وجه التحديد إلى الهدف العام المتمثل في الحفاظ على السلام في منطقة المحيط الهادئ. وبحلول عهد إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون أواخر الستينات، تعافى الاقتصادان الكوري الجنوبي والياباني من الحرب العالمية الثانية، بينما كان الأميركيون عالقين في مستنقع فيتنام الذي اعتقدوا في البداية أنه حيوي لاستقرار شرقي آسيا. وبدءا من نيكسون، ضغطت الإدارات الأميركية على اليابانيين بشكل خاص، للقيام بدور أكبر في أمن منطقة شرقي آسيا، من خلال البحرية اليابانية باسم "الدفاع عن النفس" التي تساعد على حماية طرق النقل البحري. وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه بعد التفاهم مع واشنطن، أرسلت كوريا الجنوبية على مدى عشر سنوات 300 ألف جندي إلى فيتنام للمساعدة في الجهد العسكري الأميركي الفاشل هناك.