أثار عرض مسلسل "الحشاشين" في موسم رمضان، جملة من ردود الفعل، تركز معظمها حول استخدام اللهجة العامية المصرية في عمل تاريخي، كان يفترض أن تكون لغته الفصحى. لكن أحدا لم يعترض على الخلط الغريب بين شخصيتين تاريخيتين، وتجيير سيرة أحدهما لخدمة الآخر بطريقة بعيدة أشد البعد عن أي منطق.
منذ أن كتب الرحالة الإيطالي ماركو بولو (1254- 1324) نصه الاشكالي عن "شيخ الجبل وقصره وأسره ومصرعه" في وصفه لبلاد فارس، وقع المؤرخون الغربيون في أسر هذا النص الذي بدا ساحرا في غرابته، فهو يدغدغ مشاعرهم، ويدعم مخيالهم عن الشرق الغامض والمجهول والغريب والآثم.
لقد خلط ماركو بولو عن جهل بين ثلاث شخصيات مختلفة ومتمايزة بعضها عن بعض أشد التمايز. الأولى شخصية حسن الصبَّاح الحميري (1037-1124) صاحب "قلعة آلموت"، ومؤسس الفرقة الحشيشية النزارية. والثانية شخصية سنان راشد الدين الدين (1130- 1193) الشهير بلقب "شيخ الجبل"، الذي كان يعيش في جبال الساحل السوري. والثالثة شخصية علاء الدين محمد بن الحسن (1211- 1255)، الذي كان معاصرا للرحالة الإيطالي، وكانت أخباره مع المغول طازجة حينها. وكما نرى، ثمة فارق يبلغ ما يقارب القرن من الزمان بين شخصية وأخرى.
ظهور النزارية
تعدّ الإسماعيلية طائفة شيعية إمامية، تمايزت عن الإثني عشرية بعد مبايعة أفرادها لابن الإمام جعفر الصادق البكر إسماعيل بن جعفر، بدلا من أخيه موسى الكاظم الذي آمن به الاثنا عشرية، وهو السابع في قائمة الأئمة، لذلك يسمون "السبعية". وكان للإسماعيليين شأن كبير في العهود الإسلامية، حيث أقاموا دولة خلافة امتدّت من المغرب إلى الشام، وكانت عاصمتها القاهرة، ودولا أخرى كالدولة النزارية في قلعة آلموت في بلاد فارس، ودولة القرامطة في شرق الجزيرة العربية.