عرف الإنسان الحكاية مذ اهتدى إلى اللغة، فراح ينسجها من تفاصيل حياته اليومية، ويرويها شفاهيا، وما إن اتسعت مداركه إلى مرحلة التدوين، حتى ظهر أثر الحوار الدائر بين الثقافات على صورة نسخ مختلفة من تلك الحكايات. وتعتبر حكايات "ألف ليلة وليلة" من أشهر الأمثلة على ذلك، حيث أدى انتقالها بين عدد من الثقافات إلى وجود عدد من النسخ المختلفة/المتشابهة في الشرقين الأقصى والأدنى كما في بلاد العجم. وكان للنسخة المصرية نكهتها الخاصة من هذه الحكايات لتحلّ منذ عقود ضيفا الى المائدة الرمضانية، حتى باتت جزءا من النسيج اليومي خلال هذا الشهر.
وبعد غياب يتجاوز 9 سنوات، تعود "الليالي" من جديد إلى شاشة الدراما المصرية في عمل من تأليف السيناريست أنور عبد المغيث وإخراج إسلام خيري تحت عنوان "جودر"، أحد أبطال حكايات "ألف ليلة وليلة"، يجسّده الممثل ياسر جلال بجانب شخصية الملك شهريار، وبمصاحبة عدد من النجوم المصريين والعرب من بينهم ياسمين رئيس، ونور اللبنانية، وعبد العزيز مخيون، وورشوان توفيق.
نال المسلسل منذ بداية عرضه في النصف الثاني من رمضان استحسانا واسعا ربما افتقدناه منذ زمن في المساحة الفنية العربية، خصوصا في ظل الأزمة التي أصابت الكتابة الدرامية في مقتل، وربما كان الخيال، "أرض الله الواسعة" كما تصفه شهرزاد لملكها، أحد سبل التشافي، لا سيما أن هناك أجيالا تربّت على تلك "الليالي" المصرية، سواء داخل مصر أو عربيا، إذاعيا أو على الشاشة.