بعد سنوات من التغييب، عادت القضية الكردية في تركيا لتشغل المشهد العام والنقاش السياسي في البلاد، عقب الانتخابات البلدية التي جرت أواخر شهر مارس/آذار المنصرم، والتي أحرز فيها "حزب ديمقراطية الشعوب" المؤيد للأكراد "نصرا انتخابيا" في كل المناطق والولايات ذات الغالبية الكردية جنوب شرقي البلاد، إلى جانب مساهمته في اكتساح "حزب الشعب الجمهوري" المعارض لمعظم بلديات المدن الكبرى غربي البلاد، بفضل تصويت المجتمعات الكردية المؤيدة له والمقيمة هناك لصالح حزب المعارضة، وطبعا بعد الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها مدينة فآن ذات الغالبية الكردية، بعدما سحب المجلس الانتخابي المحلي الفوز من مرشح "الحزب الكردي" ومنحه لمنافسه المنتمي لـ"حزب العدالة والتنمية"، لكن المجلس المركزي للانتخابات أعاد المنصب للمرشح الكردي الفائر مرة أخرى، عقب احتجاجات عارمة شهدتها المدينة طوال يومين، لم يغادر فيهما المحتجون الأكراد شوارع "ثاني المدن ذات الغالبية الكردية" من حيث السكان، بعد مدينة ديار بكر، إلا بعد فرض السلطات لحظر التجوال في المدينة والبلدات الرئيسة في الولاية.
تثبيت تمثيل الأكراد
الانتخابات الحالية جاءت بعد أقل من عام على إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تركيا، والتي حقق فيها الرئيس رجب طيب أردوغان و"حزب العدالة والتنمية"، وحليفه "حزب الحركة القومية" المتطرف فوزا كاسحا على الرغم من تحالف كل قوى المعارضة، وعقدها لصفقة سياسية مع الحزب المؤيد لحقوق الأكراد.
مذّاك، صار الرئيس أردوغان في كل خطاباته العامة يدّعي تمثيل حزبه لمختلف المناطق والحساسيات الأهلية في البلاد، بما في ذلك أبناء القومية الكردية، متهما "حزب ديمقراطية الشعوب" بالارتباط والتبعية لـ"حزب العمال الكردستاني"، وعدم تمثيله إلا لأقلية من الأكراد في تركيا، والحصول على أصواتهم بـ"الضغوط والترهيب"، حسب رأيه.